للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المشركين قد أصابوا من المسلمين، فأرسل إلى أم ولد سعد، أو إلى امرأة سعد، يقول لها: إن أبا محجن يقول لك: إن خليت سبيله وحملته على هذا الفرس، ودفعت إليه سلاحا ليكونن أول من يرجع إليك إلا أن يقتل، وأنشأ يقول (١):

كفى حزنا أن تردى الخيل بالقنا (٢) ... وأترك مشدودا على وثاقيا

إذا قمت عنانى الحديد وغلقت ... مصارع من دونى تصم المناديا (٣)

فذهبت الأخرى، فقالت ذلك لامرأة سعد، فحلت عنه قيوده، وحمل على فرس كان فى الدار، وأعطى سلاحا.

ثم خرج يركض حتى لحق بالقوم، فجعل لا يزال يحمل على رحل فيقتله ويدق صلبه، فنظر إليه سعد، وجعل يتعجب ويقول: من ذلك الفارس؟ .

قال: فلم يلبثوا إلا يسيرا حتى هزمهم الله تعالى، ورجع أبو محجن ورد السلاح، وجعل رجليه فى القيود، كما كان، فجاء سعد فقالت له امرأته وأم ولده: كيف كان قتالكم؟ فجعل يخبرها، وجعل يقول: لقينا ولقينا، حتى بعث الله تعالى رجلا على فرس أبلق، لولا أنى تركت أبا محجن فى القيود لطننت أنها بعض شمائل أبى محجن.

فقالت: والله إنه لأبو محجن، كان من أمره كذا وكذا. فقصت عليه قصته، فدعا به، وحل عنه قيوده وقال: والله لا نجلدك على الخمر أبدا، قال أبو محجن: وأنا والله لا أشربها أبدا، كنت آنف أن أدعها من أجل جلدكم.

قال: فلم يشربها بعد ذلك.

وزعم الهيثم بن عدى أنه أخبره من رأى قبر أبى محجن الثقفى بأذربيجان، أو قال: فى نواحى جرجان، وقد نبتت عليه ثلاثة أصول كرم، وقد طالت وأثمرت، وهى معرشة على قبره، مكتوب على القبر: هذا قبر أبى محجن، قال: فجعلت أتعجب، وأذكر قوله:

إذا مت فادفنى إلى جنب كرمة

وذكر البيت.


(١) انظر: الاستيعاب ترجمة ٣١٩٣.
(٢) فى الاستيعاب: «كفى حزنا أن ترتدى الخيل بالقنا».
(٣) فى الاستيعاب: «مصارع من دونى تصم المناديا».

<<  <  ج: ص:  >  >>