للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك فيه جرحا، ويرى بعضهم ذلك لا يجرحه، لقلة الخطأ ووجود الضبط فى الجملة، إلى غير ذلك من الوجوه التى حصل بسببها الخلاف فى الجرح، وليس منها وجه فيه ما يدل على اتحاد زمن ذلك، من قائل واحد فى راو، إنما ذلك لاختلاف الرأى فى حال الراوى. والله أعلم.

ويمكن تأويل ما فى هذه الحكاية من ثناء ابن عبد السلام على ابن عربى ـ إن صح ثناؤه عليه ـ بأن يكون بين طعن ابن عبد السلام وثنائه عليه، زمن يصلح فيه حال ابن عربى، وليس فى مثل ذلك تعارض.

وما ذكر فى الحكاية من ثناء ابن عبد السلام على ابن عربى، على تقدير صحته. منسوخ بما ذكره ابن دقيق العيد عن ابن عبد السلام فى ذمه لابن عربى.

فإن ابن دقيق العيد لم يسمع ذلك من ابن عبد السلام إلا بمصر، بعد موت ابن عربى بسنين، لأن ابن دقيق العيد، ولد فى شعبان سنة خمس وعشرين وستمائة، ونشأ ببلدة قوص، واشتغل بها فى مذهب الشافعى وغيره من العلوم، على ابن عبد السلام، فبلوغه واشتغاله بالعلم فى بلده، ثم قدومه إلى القاهرة، لا يكون إلا بعد سنة أربعين وستمائة، وابن عربى مات فى ربيع الآخر، سنة ثمان وثلاثين وستمائة بدمشق، وثناء ابن عبد السلام على ابن عربى المذكور، كان فى حياة ابن عربى، بدليل ما فيها، من أنه أراه لمن يسأله عن القطب أو الولى.

وفى السنة التى مات فيها ابن عربى، أو فى التى بعدها، كان خروج ابن عبد السلام من دمشق، لتعب ناله من صاحبها، الصالح إسماعيل بن العادل أبى بكر بن أيوب؛ لأنه سلم قلعة الشقيف (٤) للفرنج، فأنكر ذلك عليه ابن عبد السلام، فعزل ابن عبد السلام عن خطابة دمشق وسجنه، ثم أطلقه، وتوجه من دمشق إلى الكرك (٥)، فتلقاه صاحب الكرك، الناصر داود بن المعظم عيسى، وسأله أن يقيم عنده فلم يفعل، واعتذر بأنها لا تسع نشر علمه، فقصد مصر، فتلقاه صاحبها الصالح نجم الدين أيوب


(٤) قلعة الشقيف: قلعة حصينة فى كهف من الجبل قرب بانياس من أرض دمشق. انظر: معجم البلدان (الشقيف).
(٥) الكرك: هو من أعظم حصون النصارى معترض فى طريق الحجاز وهو من القدس على مسافة يوم أو أقل، وأهله يقطعون على المسلمين الطريق فى البر وهو حصن ومعقل مشهور بناحية الشام. انظر: الروض المعطار فى خبر الأقطار ٢٠٢، ٢٠٣، ٤٩٢، ٤٩٣، معجم البلدان (الكرك).

<<  <  ج: ص:  >  >>