للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاس من خوف الفقر في الفقر، ومن خوف الذلِّ في الذُّل، اللَّهمَّ إلاَّ أن يكون غرضك التَّخلِّي والعزلة، والرُّجوع إلى ما يجب على كلِّ ذي لبٍّ، وبصيرة من اطِّراح الدُّنيا، والسَّعي في ترك عاجلها الفاني، وذلك أمر ميسَّر لك في وطنك، وممكن لك بين / ١٢٠ ب/ إخوانك وخلاَّنك، إلا أن يكون قد اشتعلت في قلبك نار المحبَّة، ورميت شياطين شهواتك لشهب الاصطفاء والمكاشفة، فيحملك ذلك على أن تسرح في الجبال، ويسهل لديك صعب المعاش، وما أرى لذلك أمارة تدلُّ عليه، ولا حالاً تشير إليه، والصَّواب الَّذي أراه لسيِّدنا فخر الدِّين، أن يستقيم على الطَّريق، ولا يتابع نفسه لما يخطر له من هذه الأحاديث اللَّيليَّة التي تمرُّ بخاطره في وقت السَّحر، فإن سببها اهتياج أخلاط، واضطراب بخارات، واصطفاق أجرام، وتموج رطوبات، تثير ضبابًا يرين على القلب، ويغشى نور الفكر، وهو بسعادته إذا نظر إلى ما هو حريص على طلبه، بعين الحقيقة رآه دون هذه النِّعمة التي قد سهل عليه [أن] بدّلها باديًا، ويعزُّ عليه التَّفريط في اليسير منها عائدًا.

فالله الله من العمل بالرأي البادي، والإجابة لأوَّل الدَّاعي، وعندي له ما يؤثره من سعي أبلغ فيه الغاية التي يتَّضح معها العذر، ويقوم عنده بها عليَّ بذل الجهد، والدَّليل على ما تبعده عنه الحصول على غرضه إن شاء الله تعالى".

<<  <  ج: ص:  >  >>