للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجوع وكذلك كل {الْبَأْسَاءِ}، ومنه صيغة المطاوعة ابتأس {فَلَا تَبْتَئِسْ} [هود ٣٦، يوسف ٦٩]: فلا تغتم بهلاكهم أو بسوء فعلهم حتى تكون بائسًا أي حزينًا .. والابتئاس حزن في استكانة .. [قر ٩/ ٣٠ بتصرف] وقد يتصف بها الشيء متحققة فيه واقعة منه - كما في {وَحِينَ الْبَأْسِ} [البقرة: ١٧٧]: حين شدة القتال والحرب .. [طب ٣/ ٣٤٥، ٣٥٤] (الحرب والقتال حِدّة وجفاف وشدة بالغة).

ومن هنا أي من ذينك (الجفاف والحدّة) عُبَّر بها أيضًا عن الشدة بمعنى القوة "رجل بَئِس - كفرح، وشديد البأس: شجاع ". ومن هذا كان تعبير القرآن الكريم عن الحديد {فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} فإن ذرته هي أكثر الذرات التي نعرفها تماسكا. وله خواصّ طبيعية وكيمائية تجعل وصفه القرآني هذا إعجازيا [راجع خواصّ الحديد في أي مرجع علمي]، {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ} [الكهف: ٢]. {وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا} [النساء: ٨٤]، وكل ما جاء في القرآن على صيغة {بأس} فهو من هذا. وكذلك قوله تعالى: {وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} [الأعراف: ١٦٥]: شديد [طب ١٣/ ٢٠٢]. ومن هنا فَسَّر بعضهم البأسَ بالحرب في قولة علىًّ كرم الله وجهه: " ... كنا إذا اشتد البأس اتقينا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - "والفعل من هذا: بَؤُسَ (ككرم) بَأْسًا - بالفتح - فهو بئيس: شجاع (أو شديد).

ومن هذا: بِئسَ (ضِدُّ نِعْمَ) فهي تدل على الشقاء والفراغ من الخير كما أن نعم ضد ذلك .. {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: ١٠٢]. وكذا كل {بئس} و {بئسما} في القرآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>