للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومحته " (أي بما تثير من التراب).

° المعنى المحوري تَغَطِّى الشيءِ طبقة خفيفةٍ أو هَشَّةٍ (تنشأ منه) كما يُغَطِّى الوبرُ والريشُ والنباتُ والترابُ الذي تجلبه الريح ما تحته. وكالخَمْل في وجه السحاب. ومنه "العَفْو -بالفتح وكفتى: الأَرْضُ الغُفْل لم تُوطأ وليس بها آثار (كأنها مغطاة). وعافِي القِدْر: ما يُبْقِي فيها المستعيرُ لمعيرها عند رَدّها (غِطاء لقاعها)، وما يُرْفَع من المَرَق أوَّلًا تُخَصُّ به الجاريةُ لتَسْمن، أو مَنْ يُكْرَم (به طبقة دُهْن تغطي وجه القدر). وغُلامٌ عافٍ: وَافِي اللحم كثيرُه " (مغطى به).

ومن ذلك عُبِّرَ بالعَفْو عَنْ كَثرة القوم كأنهم طَبَقَة تَغْشَى وجه الأرض {حَتَّى عَفَوْا} [الأعراف: ٩٥].

ومن ذلك الأصل ما يكون كالزيادة على الشيء التابعة له "العِفْو -مثلثة: وَلَدُ الحمار ". ومنه "العَفْو من المال -بالفتح: الفَضْل والزائدُ عن النَفَقَة "كما أن الوَبَر والرِيشَ ونَحْوَه زائدٌ على الجِلْد، والتُرَابُ زائد على وجه الأرض - {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: ٢١٩] ومنه قيل "عَفَاه: أتاه يطلب المعروف والفضل (العَفْوَ). والعافيةُ والعُفَاةُ: الأضيافُ وطُلَّابُ المَعْرُوف وطُلّابُ الرِزْق من الإنس والدوابّ والطير ".

ومن الأرض "العَفو عن الذنوب: عَدَم المؤاخذة عليها ". وكأن من عفا غطّاها أو أعرض عنها فلم ينظر إليها {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [التوبة: ٤٣]. وهو قريب من المغفرة، لكن النظر إلى أصل كل منهما يقضي بأن المغفرة فيها لطف وتكريم، لأن استعمالها في العطية الحسية يقصد بها الحفظ - كما في المِغْفَر وقولهم: اصْبُغ ثوبك بالسواد فإنه أغفر لوسخه (١) والعفو الترك كأنه تَرْك


(١) أصل هذا الملحظ للراغب في المفردات (غفر).

<<  <  ج: ص:  >  >>