للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(غسق):

{وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} [الفلق: ٣]

"غسَقَت العينُ: دَمَعَتْ/ انْصَبَّتْ/ هَمَلَت بالعَمَش. غسَقَ اللبن: انصبّ من الضرع. وغسَقَ الجُرح (ضرب قاصر - غسْقا وغَسَقانًا): سال منه ماء أصفر ".

° المعنى المحوري سيلان ما في عمق الشيء من مائع فاسد: كدمع العين الرمداء (لاحظ كلمة العَمَش)، وكسيلان اللبن من الضرع والماء الأصفر من الجُرح. {إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا} [النبأ: ٢٥ - ومثله ما في ص ٥٧]: هو صديد الجروح ونحوها - كقوله تعالى: {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} [إبراهيم: ١٦].

ومن مادي الفاسد المخالط للعمق: "غَسَقُ الطعام (= البُرّ) بالتحريك: نحو الزُؤان يكون فيه "فهو حب غريب عن البُرّ ينبت معه ويختلط وهو رديء، يُنْفَي منه، أو شأنه أن ينفي منه.

ومن ذلك: "غَسَقَ الليل وأَغْسَقَ: انْصَبَّ وأظلم. وغَسَقُهُ -بالتحريك: ظُلْمَته " (الظلمة كالغشاء الكثيف يزحف من جوف الأفق فيجتاح الضوء) {إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} [الإسراء: ٧٨]. أما قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} [الفلق: ٣]: فقد فُسَّر بأنه الليل إذا أظلم أو دخل. لكن روى في حديث حسن صحيح أنه القمر إذا غاب [قر ٢٠/ ٢٥٧] فإذا سُلِّم فلا ينبغي تجاوزه. واللغة تجيز إطلاق الغاسق على القمر لأنه جرم لطيف يمذ من الأفق مخترقًا سواد الليل. وبغيابه يعم الظلام، وما فيه من شر يستعاذ منه.

هذا، ودعوى تعريب الغساق عن التركية كما في المتوكلي للسيوطي -أو غيرها: زائفة في ضوء أن اللفظة تلتقي بمعناها الحسّىّ مع بقية معاني التركيب

<<  <  ج: ص:  >  >>