للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك: "بَكَّ الرجلُ: خَشُن بدنُه شجاعةً " (هذا الاستعمال اللازم غريب، لكن يتأتى قبوله باعتبار أن الشجاع كالمصمت المدكوك ليس فيه خور)، وافتَقَر (انسحق بالشدة). ومنه: بَكّه: خَرَقَه (كأنه ضغطه بشدة حتى خرق جرمه)، وفلانًا: رَدَّ نخوته ووضَعَه (دَكَّه - كَبَسه)، وعنقَهُ: دقها. و "بكّة "يطلق هذا الاسم على مكة المكرمة، أو ما بين جَبَلَيْها، أو المَطاف، للزحام، أو لدق أعناق الجبابرة: {لَلَّذِي بِبَكَّةَ}. وأرى أنه أطلق على ما بين جبليها حيث يبدو موضعُها وكأنه دُكَّ دَكًّا عن مستوى ما حوله، أو لمكانة زمزم منها؛ إذ نشأت بهَزْمَة (أي بَكّة) من جناح الملَك. والقصة معروفة.

(بكى):

{وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} [النجم: ٤٣]

"البَكَى - كالفتى: نَبْت أو شَجَر، واحدته كفتاة، إذا قُطِعَتْ هُرِيقَتْ لبنا أبيض ".

° المعنى المحوري هو: خروج المائع من جوف الشيء قليلًا قليلًا بنحو الاعتصار كما لو كان عن اكتناز وضغط شديدين: (كلمة "هريقت "هنا تعبر عن القوة النسبية لخروج ذلك اللبن على غير المعتاد لا عن أنه ينهمر) كخروج ذلك السائل خلال قطع البَكَاة. ومنه: "بكت عينه تبكي: خرجت دموعها (تتجمع الدمعة تسربًا من بين الجفن والبصر كالمعتَصَرة ثم تسيل) وإنما يكون


= الشيء (بعد زمن امتناع) ما يكون أولًا لما يأتي بعد. من جنسه باسترسال. أما في (بكم) فإن الميم تعبر عن استواء الظاهر، ويعبر التركيب معها عن انسداد المنفذ الكبير للجرم وهو الفم، فالأبكم - كأنه مصمت الأثناء مسدود الفم لعدم نفاذ كلام منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>