للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيرة {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: ٣١]،. ومع اعتداد النعم هي أيضًا شدائد أي مجال اختبار من حيث إنها تستوجب شكرًا وحسن استعمال يؤدَّيان أو لا يؤَدَّيان، يتبين أن الفعل (بلا يبلو) جاء في القرآن الكريم للشدة ولازمها الاختبار معا، أو للشدة فقط أو للاختبار ولازمه العلم. فللشدة فقط، (عقوبة): {كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف: ١٦٣]. وللعلم فقط: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} [يونس: ٣٠]، {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق: ٩]. وسائر ما في التركيب من الفعل (بلا يبلو) أو الاسم (بلاء) أو اسم الفاعل (مبتلى) فهو بمعنى الشدة مع الاختبار (تبيُّن الحال) ويُحتاج في بعضها إلى بعض التأمل.

• ومن ماديّ المعنى المحوري قولهم: "بَلِىَ الثوب " (كرضى)، ولا يكون ذلك إلا عن طول استعمال مع امتهان - كما سموها: "ثياب المَهْنة "ويلحظ أثر الصيغة.

هذا وقد فسر [طب ٢/ ٤٨] قوله تعالى: {وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} [البقرة: ٤٩] بالنعمة. وقد ذُكِرَتْ بعدَ نِعَم كثيرة عدَّدَها الله عز وجل على بني إسرائيل. ثم رد [طب] استعمالات الجذر كلَّها إلى الاختبار مستشهدًا بقوله تعالى: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ} [البقرة: ١٦٨]، {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: ٣٥]. وكذلك في {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة: ١٢٤] قال: أي اختبره، كما في قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: ٦] [طب ٣/ ٧]. وأرى أن المعنى المحوري الذي حددناه أدق، لأن من الاستعمالات ما ليس اختبارًا، كما هو واضح في: الناقة البلية، وبِلْوِ السفر، وبِلْو المال. وإنما المعنى وقوع في حيزِ شدةٍ أو في حيزٍ مع شدة. وهي في آية [البقرة: ١٢٤] التكليف،

<<  <  ج: ص:  >  >>