للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والغراب، والحُدَيّا، والكلبُ العَقُور).

° المعنى المحوري خروج الشيء عن غلافه (حَدِّه) أو حَيّزه لحدّةٍ أو فساد: كحال تلك الفَواسق في طبائعها وما يصدر عنها: الفأرُ يفسد المأكولات ويَقْرِض غيرها، والغراب يَنْهَشُ ظَهْرَ البعير الدبِر، والحُدَيَّا تَخطَف وربا تفعل كالغراب، والكلب يعقر، والعقرب يلدغ بسُمه. وقد سَوَّوْا به في الحكم سَوامّ الزواحف. وبعض الرُطَبِ تتهرَّأُ غُلُفه فتنشقُّ عنه ويخرج بفساد. وقد حملوا تسمية الخمس المذكورة فواسق على معنى الخُبْث المعنوي، لكني حملته على طبائعها حيث يؤخذ منها خُبْث النفوس الذي يتأتي منه الكفر والكبائر -كما في أكثر الاستعمالات القرآنية {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ} [البقرة: ٩٩]. جاء في [بحر ١/ ٢٦٣، ٢٧٠] "الفاسق: الخارج عن الحق " [وفي ٢٧١] الخارج من طاعة اللَّه تعالى فتارة يكون ذلك بكفر، وتارة يكون بعصيان غير الكفر. . وأن من كان مؤمنًا وفسق بمعصية دون الكفر فإنه فاسق بفسقه مؤمن بإيمانه (أي) لم يخرج بفسقه عن الإيمان ولا بلغ حد الكفر. ثم أقول إن الآية التالية {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} تذكر أمثلة من الفسوق، لأن الراجح إعرابها في محل صفة للفاسقين. {وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة: ٥٩] الآية موجهة لأهل الكتاب وتبين سرّ محادّتهم للمسلمين وهو أن المسلمين آمنوا بكتب اللَّه الصحيحة كلها، في حين أن هؤلاء خارجون عن الإيمان حتى بالكتب الصحيحة المنزلة إليهم [ينظر أبو السعود ٣/ ٥٤] أي أن موقفهم فيه كثير من معنى {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: ١٠٩] وهم

<<  <  ج: ص:  >  >>