للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

° المعنى المحوري قِوام الشيء المتمثل في ما ينبثّ من الحيوية والحدَّة في مادته: كألواح البعير الذي هُزِل لكن بقى عمله. والقتل بالمعنى الشائع أصله إصابة ذلك، ولذا قيل "قَتَل الخمر (نصر): مَزَجَها بالماء "فالماء يقضي على حِدَّتها التي هي هَدَف شاربيها، والعياذ بالله. ومنه قتْل النفس: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الأنعام: ١٥١] فالقَتْل هو القضاء على الحياة التي في بُنْيان البدن. فانصباب القتل على النفس في أكثر من عشرة مواضع في القرآن الكريم له أساسه اللغوي (ثم إن هَدْم البدن يزهق النفس ضرورة. وهذا هو المعلم المشهور المتعامل به في حَدَث القتل). ومما ذكرنا قولُهم: "قتل غَليلَه: سقاه فزال غليلُه (أي أصاب ما ببطنه من حدة) بالرِيّ. وتَقَتّل الرجل للمرأة: خضع وذلّ بالحب (ذهبت خشونة رجولته). واقتُتِل الرجل - للمفعول: جَبُن (ذهبت قوة قلبه وهي من جنس الحدّة). وفلان مُقَتَّل - كمعظّم: مُضَرَّس " (عَلّمته التجارب كأنما عُضّ بالأضراس، ومثل هذا يكون حليما غير حادّ). ومن هذا: "قَتَلَ المسألة والأمرَ علما " (كأنه ذَلَّل كل ما فيها مرت معضلات وألغاز كما قالوا: دَرَس الأمرَ)، وبه قيل في قوله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} أي ما أصابوا كبد الحقيقة في العلم به حتى وصلوا إلى اليقين. وبالنظر إلى سلب الحدَّة والشدَّة يمكن أن يفسر الحديث "إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الأخير منهما "بخذلانه وسَلْب حدته بعدم مناصرته، وهذا ملحظ جيد. وفُسّر قوله تعالى: {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} [عبس: ١٧] , {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: ٣٠] وأمثالها باللعن، وهو إبعاد من الرحمة حَمْلًا على القتل إزهاق الروح، وقد تفسَّر في ضوء الأصل بإذهاب بأس هؤلاء المقتولين والمقاتلين بإحباط سعيهم وإبطال

<<  <  ج: ص:  >  >>