للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

° المعنى المحوري تَجَمُّع الشيء (السائل أو المتحرك) في الباطن أو الحيز إلى أجل يُطرح أو يُخرَج بعده - كالدم والحمل والسُمّ في الجوف إلى أجل والغائب والبعيد كأنهما في باطن مَغِيبِهما ولهما أجل يعودان بعدُ عادة، والحُمى تشمل البدن فكأنها تحوزه ثم تنتهي، والوباء للفترة الأولى من الاستقرار في الحيز.

ومما نظر فيه إلى ذلك قولهم: "أقرأت النجومُ: حان مغيبها (في جوف الأفق والصيغة للحينونة) وأقرأ أمرُك وحاجتُك: دَنَت (بقيت في جوف الغيب وحان أن تخرج) ويؤيد ما رأينا كذلك ما في معنى (قَرَر) من تجمع في الجوف، وقولهم "قَرَيْتُ الماء في الحوض: جمعت "، و "القِرْدُ يَقْرِي - أي يجمع - ما يأكل في فيه ".

ومن هذا القراءة وأصلها: حِفْظ المقروء أو استيعابه في القَلْب. فقد ورد في البخاري [٦/ ١٩٣ باب تعليم الصبيان القرآن] قال ابن عباس توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ابن عشر سنين وقد قَرَأْت المحكم (يعني المفصّل أي قصار السور) والمقطوع به هنا أن المراد أنه حَفِظَها، وقد جاء في رواية أخرى "جَمَعْت المحكم "فهذا يدل على أن المراد بالقراءة الحفظ وأنها بهذا المعنى تُعَدُّ جمعًا في الذهن أو القلب، وهذا يؤيد الأصل الذي رأيناه. قال تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى} والمعنى والله أعلم سَنُحفظك أو سنجمعه في صدرك [وانظر قر ٢٠/ ١٨] وقوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: ١٧] يمكن أن تعني جَمْعه أي - حفظه من الضياع، وقرآنه أي إيعاءه صدرك إذ الجمع في الفؤاد ليس من معاني جمع بل من معاني قرأ. وقد فُسِّر بـ "جمعه في صدرك ثم تقرؤه " {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} أي فاستمع له وأنصت [قر ١٩/ ١٠٦] وهو سائغ أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>