للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتساع: كما يرفع البِوان سقف الخباء فيفصله عن الأرض ويُوسِّعه، وكشجَر البان بطوله، واستواؤه يُشْعِر بمزيد امتداده. والبين - بالكسر - ممتدٌّ كالفارغ لأن النظر ينصب على نهايته البعيدة. وفي صفته - صلى الله عليه وسلم -: "ليس بالطويل البائن "أي المفرط طولًا الذي بَعُد عن قدّ الرجال الطوال [ل].

ومن ذلك الامتداد والفصل أو الاتساع: "البائنةُ: البئر البعيدة القَعْر. بئر بَيُون: واسعة ما بين الجالين " (الجال والجُول: كل ناحية من نواحي البئر إلى أعلاها من أسفلها - فهذه السعة حقيقية، وقد يلزمها الامتداد عمقًا؛ لأنها تُسَنّيه). ومن ذلك أيضًا "البَون - بالفتح والضم: مسافة ما بين الشيئين "فهذه المسافة مساحة فاصلة. ومنها قالوا إن البَيْن يعني الفُرْقة كما يعني الوصل وإنه من الأضداد. وإنما الأصل ما ذكرنا، فالمسافة نفسها فَصْل لكنها هي مَوْصِلٌ للطرفين.

ومن ذلك الفصل استُعملت في معنى التخصيص بشيء؛ إذ هو عزل وتمييز "طلب فلان البائنة إلى أبويه: إذا طلب منهما أن يُبِيناه بمال (أي يخُصَّاه به فيعزلاه له) وقد أبانه أبواه حتى بان يبين بيونا " (الغريبين ١/ ٢٣٦).

ومن ذلك الفصل والتمييز جاء معنى الوضوح والظهور؛ لأن المفصول المتميز عن غيره يلفت النظر، وهو المعنى الذي جاءت به كل مفردات التركيب القرآنية - عدا الظرف (بين): "بان الشيء: اتّضَح فهو بَيّن (كسيّد). والبَيَان: ما بُيِّن به الشيءُ من الدَلالة وغيرها ": {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ} [آل عمران: ١١٨]، {تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا ...} [سبأ: ١٤]، {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} [البقرة: ١٦٠]: بَيّنوا الذي جاءهم من الله فلم يكتموه ..

<<  <  ج: ص:  >  >>