للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذْ جَاءَهُ} [الزمر: ٣٢]. وفي قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [يوسف: ١١٠] يُحمل في أنهم ظنوا أنهم أُخلِفوا لتقصير منهم أو من أتباعهم، وقال ابن عباس: كانوا بشرًا ضعفوا من طول البلاء، ونسوا، وظنوا أنهم أُخلِفوا. ثم تلا {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} [البقرة: ٢١٤] "استبطاء " [ينظر قر ٩/ ٢٧٦] {وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا} [الإسراء: ١١]. وقد فُسِّرت الآية أيضًا بأن الرسل ظنوا أن نفوسهم كَذَبتهم في تأويلها الوعد على أنهم يُنْصرون في الدنيا لا يوم القيامة [ينظر بحر ٥/ ٣٤٧] وهو حَسَنٌ. هذا كله على أن الضمير في ظَنّوا، كُذبوا للرسل، لأن الرسل أقرب مذكور. ويتأتى أن يكون لأقوام الرسل. وفي (كذبوا) قراءات أخرى. وعلى كلًّ من هذين الأمرين لا إشكال في المعنى.

{وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} [يوسف: ١٨]. رُويت قراءة عن الحسن وعائشة رضي الله عنهما "كَدِبٍ "بالدال المهملة وفُسّرت بالطَّرِيّ [قر ٩/ ١٤٩]، وليست المهملة بهذا المعنى في المعاجم (ولا تتأتى صوتيًا إلا بتكلف) ولو فُسِّرت به القراءةُ بالإعجام لكان مناسبًا ودقيقًا. وانظر الأصل {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ} [الأنعام: ٣٣] إما أن المراد بعضهم، وإما أنهم يصبّون التكذيب على ما جاء به لعلمهم بصدقه. وإما أن المراد أنهم يكذبون آيات الله. وهذا يرجحه عجز الآية. وكل ما جاء في القرآن من التركيب فهو من الكذب ضد الصدق.

أما قولهم "كَذَبَ عليك كذا "إغراءً به بمعنى: الزمْه، في مثل قول عمر - رضي الله عنه -: "كَذَبَ عليكم الحجُّ، كَذَبَ عليكم العمرةُ. كَذَبَ عليكم الجهادُ، ثلاثةَ أسفارٍ كَذَبْنَ عليكم "فقد قال ابن السِكِّيت: كأنَّ كَذَبْن ههنا إغراء، أي عليكم بهذه الأشياء الثلاثة "ووُجِّه النصب بالإغراء بعليكم، والرفعُ بالفاعلية لمعنى وجب). وهناك كثير من الشواهد لهذا الاستعمال شعرًا ونثرًا. [وينظر ل].

<<  <  ج: ص:  >  >>