للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

° المعنى المحوري تغطيةٌ تامة كثيفة لا يظهر معها شيءٌ من المغطَّى: كالوَرَق والكِمّ والطَلْع والظُلمة والقِير لما وراءهن .. ومنه "الكافرُ: الوادي العظيمُ (يغطِّي بانخفاضه أو شجره)، والنهرُ (بمائه الكثيف)، والسحابُ المظلم (بظلمته)، والكَفْر - بالفح: الترابُ (يغطِّي ما يَسْفِي عليه). فالتغطية هنا دَفْن.

والكافر بالله من ذلك؛ لأنه غطَّى في نفسه بعماه شواهدَ وجود الله وعظمته الظاهرة والباطنة، أو تغطَّى عنها {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٦) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [البقرة: ٦، ٧] وكل ما في القرآن من التركيب فهو من الكفر بالله عز وجل - عدا ما نذكره بعدُ وننبه عليه. ومن هذا الكفر بالله كل (كفّار)، وما في [الإسراء: ٢٧، سبأ: ١٧، فاطر: ٣٦، الزخرف: ١٥، الدهر: ٢٤] من صيغة (كفور)، وسائر هذه الصيغة يحتمل أن يكون بمعنى كفر النعمة أيضًا. أما (كفور) بضم الكاف فهي مصدر بمعنى الكُفْر بالله تعالى. وقد ذكر الراغب أنه قد يعبَّر عن التَبَرِّي بالكفر كما في قوله تعالى {ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ} [العنكبوت: ٢٥] وقوله تعالى {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} [إبراهيم: ٢٢]. وهو ملحظ جيد لأن يوم القيامة ليس فيه كفر بالله تعالى. والتبري جحد علاقة كانت موجودة فهو من باب جحد وجود الله أو وحدانيته أخذًا من تغطية شواهد ذلك.

ومن ذلك كفر النعمة و "كَفَرَ نعمةَ الله: جَحَدَها (أنكرها وغطَّاها، أو تغطَّى عنها كأنها غير موجودة) {فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ} [النحل: ١١٢]، {وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} [النحل: ٧٢]. وهذا ضد {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: ١١] , {فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ} [الأنبياء: ٩٤]. ومن كُفْر النعمة هذا ما في [البقرة:

<<  <  ج: ص:  >  >>