للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظاهر (المنبسط) من أحد تريد تأليفه، أو لبلل أو نحوه تريد إذهابه بذلك، كمسحك رأسَك من الماء وجبينَك من الرشح، أو ببلل تريد إمساسه " {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيدِيكُمْ} [النساء: ٤٣] فهذا مسح بالصعيد الطيب. ومثله ما في آخر الآية التالية: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ} وهذا مسح بلل اليد بالرأس. وقد فَسّر بعضهُم مَسْحَ الرجلين على قراءة الجر بالغَسْل [ل]. وهو تأويل لحُظ فيه جزء المعنى، وهو إمرار اليد دون كثرة الماء المناسبة للغسل، فهو تفسير بعيد لغويًّا. {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} [ص: ٣٣]، فُسِّر مسح السوق والأعناق بقطعها، وبإمرار اليد [ل ٤٣٣، وقر ١٥/ ١٩٥] وقصة القطع رواها الكلبي -هو متكلَّم فيه، ومقاتل- وقد ضعفوه (١) والخلاف معروف. ونضيف ملحظًا هو أن تعدية المسح بالباء جاءت في القرآن الكريم لامرار اليد على عضوٍ لمسِّه بما على اليد من بلل أو تراب {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: ٦]- أما استعمال المسح في القطع فجاء في [ل ٤٣٣/ ٨، ق، المنجد] متعديًا بنفسه. ووَجْهُه إزالة النتوء والغلظ المتمثل في الجزء المقطوع فيصبح ما دونه مستويًا. فتفسير المسح في الآية (وهو معدي بالباء كما في آيتي المسح بالماء والتراب) بقطع السوق والأعناق = بعيدٌ بحكم اللغة لمخالفته الاستعمال، ولعدم تحقق الاستواء بعده، ثم بحكم السياق، وبحكم العقل والحكمة. فالأقرب في حصيلة المعنى: لَزِمْت


(١) التفسير والمفسرون: للذهبي - طريق الرواية عن ابن عباس ومقدمة الأشباه والنظائر لمقاتل ص ٣٦ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>