للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زاد فيه أمثلة التراكيب الثلاثية. لكن لا أحد من الأئمة الثلاثة نبه إلى اطراد الظاهرة، أو إلى أن التراكيب الثلاثية من الفصل المعجمي يتأثر المعنى العام لكل منها بالحرف الذي يَثلِثها. وفي أواخر القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين الميلاديين تطرق إلى فكرة الفصل المعجمي -من حيث هي سورة لثنائية الأصول اللغوية- ثُقة من كبار لغويي العربية (١) في بحوثهم عن الصورة الأولى لنشأة اللغة. لكن شابت معالجاتِهم أمور تقدح في علميتها: (أ) ادعاء الإبدال والقلب كثيرا، بلا سند؛ من أجل تأييد الفكرة، (ب) افتراض إضافة أحرف- في مواقع كثير مطردة لتكوين الثلاثيات وما فوقها، (ج) الانتقائية، والبعد عن الاطراد في التطبيق، (د) إغفال بيان وجه تقارب المعاني في ما ادَّعَوْا فيه ذلك ... وبذلك كله كان قسط هذه الحقبة في التأصيل لفكرة الفصل المعجمي محدودا.

وقد وضح أثر تلك المحدودية في اقتصار لغوي أواسط القرن العشرين وآخره على عدد جِدّ محدود من أمثلة الفصل المعجمي يتمثل فيها اطراد معناه - دون سائر ما تناولته أو أثارته جهود الحقبة المذكورة.

أما هذا العمل الذي بين يديك أيها القاريء الجاد، فإن التطبيق الموسع في السعي لبيان معاني ألفاظ القرآن الكريم بيانا موثقا، هو الذي أبرز -بل فَرَضَ- فكرة الفصل المعجمي فيه، وحدّد معالمها، حيث اتضح به أن قسط الحروف الصحاح في التعبير عن المعاني أعظم من قسط حروف العلة والهمزة، وأن بناء فصل معجمي شطره أحد حروف العلة يصعب معه بروز معنى مشترك مطرد، فتجنبت بناء هذا النوع. وقد استوفى هذا العمل (أ) سعة التطبيق (بيان المعنى المحوري لحوالي ٢٣٠٠ تركيب، تحديد المعنى المشترك لتراكيب نحو ٣٧٠ فصلًا معجميا .. (ب) مع بيان وجه انضواء كل استعمال (أورده القرآن أو المعاجم


(١) أعني الشدياق والكرملي والدومينكي وزيدان واليازجي والعلايلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>