للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الشعراء: ٦]، حجةً لذلك، على أساس أنهم استهزءوا لأنهم كانوا لا يعلمون حقيقة العذاب، ولو علموا لتوقَّوْه. كما احتج بقوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيكَ} [هود: ١٠٠]. والحقيقة أن القيد متحقق في كل ما جاء في القرآن الكريم. وبعض ذلك صريح مثل {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيبِ نُوحِيهَا إِلَيكَ} [هود: ٤٩] وغيرها, لكن هناك ما ينبغي أن يُبَيَّن وجهه. كقوله تعالى: {وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ} [آل عمران: ٤٩] فالأصل أن سيدنا عيسى لا يعلم هذا، فتحرير كلمة أبي هلال أن يقال إن النبأ يستعمل في ما الأصل فيه مجهول لأحد الطرفين. وقوله تعالى: {فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [المائدة ١٠٥]. فلا شك أنهم كانوا يعلمون ما يعملون، لكن الله عَزَّ وَجَلَّ قال لهم {وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ} [ينظر فصلت: ٢٢]، كما أنهم تصرفوا وهم في الدنيا تصرف من لا يعرف حقيقة ما يعمل، فاستعمل لهم اللفظ الذي يقتضيه حالهم. وهكذا.

وكلمة النبيّ -أرى أن أصلها من المهموز. فالقراءة بالهمز ثابتة في (النبيئين). والهمزة ثابتة في التنبؤ. والمعنى أن النبيّ -صلوات الله على نبينا وعليهم جميعًا- مُنْبأ من الله ومُنبِئٌ عن الله عَزَّ وَجَلَّ. وأرى أنه يُفَضَّل عدم إرجاع هذه الكلمة الشريفة إلى النَبْوة- بالفتح، المكان المرتفع. فيكون معنى الاسم: الشريف أو الرفيع مثلًا. فالأشراف بين الناس بهذا المعنى لا يحصون عددًا، أما المُنْبأ من الله عَزَّ وَجَلَّ فشَرَفُه لا يبارَى. وهم منذ بَدْء الخلق إلى الآن معدودون. وكل ما جاء في القرآن من التركيب فهو راجع إلى معنى "النَبَأ: الخبر الخفيّ حسب ما ذكرنا سواء عن ذلك الأفعال (نبّأ) , (أنبأ)، (استنبأ) والمضارع

<<  <  ج: ص:  >  >>