للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصيغة التي ورد بها اللفظ معروفة أيضًا بل كثيرة مثل: سَبّورة، صَيُّور الأمر وصَيُّورته: عاقبته، وما بها دَيُّور: أحد، سَفُّود ... الخ، بل إن الصيغة شائعة عند العامة.

أما ما قاله الأزهري من أن أصل بنائه "تنر "، ولا نعرفه في كلام العرب؛ لأنه مهمل، فقد قال ابن فارس والراغب في "تجر "إنه ليس في كلام العرب تاء بعدها جيم غير هذا اللفظ اهـ. ولم ينف هذا عربيته. ثم إن إرجاع تنور إلى تنر ليس ضربة لازب؛ فقد قال ثعلب إن أصلها تَنْوُور، أي أنه من النار، وهذا متوجه (١). ونضيف للمسألة أن كلام اللغويين في ما هو من كلام العرب وما ليس من كلامهم ينبغي أن يؤخذ بحذر، لسعة اللغة وعظمتها، وقد قال الشافعي - رضي الله عنه -: إن كلام العرب لا يحيط به إلا نبي - قال ابن فارس: وهذا كلام حَرِيّ أن يكون صحيحًا.

لقد وصف "المُنْجِد "التنّور بأنه تجويفة أسطوانية من فَخَّار تُجْعَل في الأرض ويُخْبَز فيها. وانطباق الأصل الذي ذكرناه علي هذا واضح. ومن الناحية الصوتية فإن "تن "تعبر عن لزوم جوف (أو ظرف) كقولهم: تَنَّ بالمكان: أقام، والراء تعبر عن استرسال ينطبق على الماء والنار.

بعد كل هذا نقول عن يقين إن لفظ تنّور عربي، وإنه - كان بكل لسان كما قالوا - فإنما عَن العرب أو العربية الأُوَلى أُخذ. ولا أجد ما يمنع من القطع


(١) استنكر ابن جني قول ثعلب هذا (الخصائص ٣/ ٢٨٥). ولكن القول بأن النون ضوعفت تخلصا من ثقل الضمة علي الواو - مثلًا - أخف من ادعاء أصل ممنوع لأن فيه نونا قبل راء لإثبات كلمة ليس فيه إلا هي.

<<  <  ج: ص:  >  >>