للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قوله تعالى: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} [الزلزلة: ٢] قال الفرّاء: لَفَظت ما (كان مدفونًا) فيها من ذهب أو فضة أو ميت [ل] (المندفن في الأرض كأنها جذبته) ومن ذلك قول الخنساء: (حَلّت به الأرضُ أثقالَها) أي زينت موتاها به.

ومن ذلك ثقل الحامل: "أثقلت المرأة: ثقُلتْ واستبان حملها "أي صار حَمْلها ثقيلًا: {فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا} [الأعراف: ١٨٩] (كبِر الجنينُ في بطنها فصار ثقيلًا وقرُب وقت ولادته)، وثقل السحاب بمعنى امتلائه بالماء {وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ} [الرعد: ١٢]: المْلأَى بالماء، ومثلها ما في [الأعراف: ٥٧]، وثقل بدنيّ لعجز أو نحوه {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: ٤١]، وثقل نفسي من الغرم المالي {فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ} [الطور: ٤٠, القلم: ٤٦] أو من فقد الحماس للجهاد {اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ} [التوبة: ٣٨]. ثم ثقل حمل الأوزار والذنوب {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ} [العنكبوت: ١٣، ومثلها {مُثْقَلَةٌ} في [فاطر: ١٨]. أما {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: ٥] (فمعناه: زاخرًا بالتشريعات والأحكام والعلوم والإشارات والمعاني العامة) (١) {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ} [الرحمن: ٣١]. أرجع ابن فارس [المقاييس ١/ ٣٨٢] هذه التسمية إلى كثرة العدد، وأغفل


(١) أجمل السُّدّى والفراء وابن زيد هذا المعنى في [قر ١٩/ ٣٨]. وجعل غيرهم الثقل ثقل صلاة الليل لسبق الكلام عنها، وغيرهم ثقل الفرائض والتشريعات، وغيرهم لازم الثقل وهو الثبوت، فيكون ثابت الإعجاز لا يزول اعجازه أبدًا، وغيرهم ثقل القرآن نفسه محتجين بثقله على الرسول - صلى الله عليه وسلم - حال وحيه. وهذا الأخير فيه جفاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>