للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما استمد قوّته من إمكان ربطه به -أي من إقامة الصوتي على الاستعمالي.

وهذه هي المعاني اللغوية للحروف الأبجدية حسب الأساسين المذكورين: فالهمزة: تعبّر عن ضغط كما يتمثل في "الآء (تركيبه: أوَأ): ثَمَرُ شجر السَرْح / يأكله النعام، وهو يشبه الزيتون (وثمرة الزيتون دقيقة صلبة كأنها مضغوطة). فهذا الضغط الدقيق المتمثل في الصلابة هو الملحوظ لمعنى الهمزة. ويتمثل صوتيًّا في تكوين الهمزة بضغط الزمير أثناء خروجه من الوترين الصوتيين في الحنجرة ضغطًا يؤدي إلى انطباقهما وتوقف الزمير، أو بضغط الزمير آنَ انطلاقه من الوترين عند انفتاحهما بعد إغلاق.

والضغط الذي تعبر عنه الهمزة ينصَبُّ (في الاستعمالات اللغوية) على ما تعبر عنه الحروف التي تصحبها في نفس الكلمة (كما في أكل / كلأ؛ فالكَلَال فَقْد الحدّة، والهمزة قبله تقويه فِعْلا، وبعده تقويه انفعالا؛ لأن الكلأ يؤكل)، أو على معنى العبارة التي تليها كما في همزة الاستفهام. والخلاصة أن الهمزة ليس لها معنى لغوي مستقل بل يظهر معناها في غيرها، ومن أجل ذلك خففها الحجازيون بتسهيل نطقها أو بحذفها تمامًا بحيث لا يبقى محقَّقَ الهمز حتمًا في كلامهم إلا ما وقع في أول النطق بكلامٍ ما. ولو كان لها معنًى لغويٌّ مشقل ما أمكنهم حذفها حتى لا يستعجم كلامهم.

والباء تعبّر عن تجمعٍ تراكميٍّ رخوٍ -مع تلاصقٍ ما: كما في "البَبَّة: الشاب الممتلئ البدن نَعمةً وشبابَا / السمين / الكثير اللحم " (لحم وشحم متراكم تعبر عنهما باء مكررة، فيؤخذ منه معنى الباء الذي ذكرناه)، وصوت الباء يتكون بانطباق الشفتين انطباقًا تامًّا في نقطة أقرب إلى باطنهما من نقطة التقائهما حين نطق الميم. وواضح أن الشفتين كُتلتا لحم رخو، وما تلتقيان من قرب باطنهما في نطق الباء مع إحساسٍ بالتصاق خفيف، والشعور بنطقها هكذا يلتقي مع الاستعمال

<<  <  ج: ص:  >  >>