للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي سَتُحْصَدُ قبل الجزّ، وكذلك من تفسير الجريم بالتمر اليابس، وبالنوىَ وهو صُلْبٌ، ومن تفسير أَجْرم بالحينونة، وتفسير الجُرامة. وقد صُرّح بملحظ يُبْس التمر المجروم في تفسير المرزوقي للمفضليات عند قول سلمة: (فَرَاشُ نُسُورها عَجَمٌ جَريم). وجَرْم صُوفِ الشاة محمولٌ على جَرْم التمر، وهو يبين دخول ملحظ التجريد ضمن معنى الجرم.

ومن معنوى القطع أو الانقطاع بعدَ التمام قولهم: "تجَرَّمَ القَرْنُ (من الزمان) أي انْقَضَى وانصرم ""حَوْلٌ مُجَرَّم - كمعظم: تامْ، وسنة مجرّمة: تامة. والعام المُجَرّم: الماضي المكمَّل. سنة مجرَّمة، وشهر مجرَّم وكَريتٌ فيهما، ويوم مجرَّم وكريت وهو التامّ. تجرَّمت السَنَةُ: انْقَضَت، وتجرَّم الليل: ذهب. وجرَّمنا هذه السنة - ض: أي خَرَجْنا منها. وجرّمنا القومَ - ض: خَرَجْنا عنهم ".

وتلك الاستعمالات تعطي معنى الانفصال. ونقول إن منه قولهم "لا جَرَم "أي لا فكاك ولا انفصال كما قالوا "لا بُدَّ "ومعنى البَدّ التفريق. وهذا أسلوب عربي. فقد قالوا ما زال، وما انفك، وما برح - وكلها تعبيرات عن اللزوم، وأصلها نفي المفارقة. وهذا يحقق تفسير لا جرم بـ لا بد ولا محالة {لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ} [النحل: ٦٢] وكذلك كل {لَا جَرَمَ}. وقولهم إن معناه حقًّا هو مأخوذ من ذلك. فإن ما لا بد ولا مفر منه هو واقع حقًّا. وأما من أرجعها إلى أن جَرم فِعْل بمعنى (وجب وحق) أو أنها من جَرَمْت بمعنى كسبت وأن "لا "موقوفٌ عليها [ينظر تاج] فتأويل لا ضرورة له. وما أصّلنا هو ما سبق الفراء إلى خلاصته بأن (لا جرم) كلمة كانت في الأصل بمنزلة (لا بد) و (لا محالة)، فجرَت على ذلك وكثُرت حتى تحولت إلى معنى القسم، وصارت بمنزلة حقًّا،

<<  <  ج: ص:  >  >>