للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزرع. وكامتلاء كرش الحمار، وإمساك كرش البعير الماء. فمن حب الزرع {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ} [الرحمن: ١٢]. ومن المعنى "حَبُّ الغمام: البَرَدُ (ماء متجمع متجمد)، وحَبَاب الماء: موجُه الذي يتبع بعضه بعضًا " (فهو تجمعات لطيفة متوالية، وقد فُسِّر الحَبَاب بالفقاقيع فإن ثبت ذلك فيكون لأنها تنشأ على رءوس الأمواج أي للمجاورة). ومنه "حَبّ البعيرُ: وَقَف. وحُبَّ -للمفعول: أُتْعِبَ. وأَحَبَّ: بَرَك فلم يَثُرْ لكسر أو مرض أو حِران " (الوقوف والبروك تجمع وتماسك ولزوم وعدم انبساط). ولهذا التماسك وعدم الانبساط قيل "الحَبْحبة: جرى الماء قليلًا قليلًا ".

والحُبُّ ضد البغض من ذلك التجمع والتلازم إذ هو تعلق القلب بالمحبوب، وملازمته إياه ماديًّا أو فكريًّا، وهذا تجمع وتلازم {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: ٥٤]. وكل ما في القرآن من التركيب هو من الحُبّ عدا كلمة (حَبّة) فهي من حَبّ البرّ ونحوه والخردل.

وفي قوله تعالى: {فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} [ص: ٣٢] لعل المعنى قَعَدْتُ أو لَزِمْت مكاني حُبًّا في الخير بسبب تذكري نعمةَ ربي. أي جلس يتمتع بمنظر الخيل على أنها من نعمة الله عليه. ومن قصه مع النمل {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ} [النمل: ١٩] قد نستطيع أن نقول إن تلك كانت عادة سليمان عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام أن يتذكر المنعِم عند تجلى النعمة له ويفرح بها فهذا من شكرها. (انظر مسح). والتفسير الأخر (أحببت) بقلبي، وتكون (حب الخير) لبيان النوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>