للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض مع غلظة ظاهره -كتلك الأرض والجبل. ومن ذلك الأصل "الحَذَر- محرّكة وبالكسر: الاحزاز ورجل حذر- ككتف .. : متيقظ شديد الحذر ". (فالاحتراز والتيقظ: انتباه وتوتر أعصاب وشدها كما يقال، ويلزمه إعداد السلاح لمواجهة العدو المباغت). وليس في التركيب تعبير عن الفزع أو الخِيفة إلا بقدر أنّ هذه تسبب الحذر -على عكس ما في عبارة [ل]. قال تعالى: {خُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء: ٧١ وكذا ما في ١٠٢] أي احذَروهم أو خُذُوا السلاحَ حَذَرًا -[قر ٥/ ٢٧٣] {وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ} [الشعراء: ٥٦] قرئت حَذِرون أي مُجْتَمِع مستعدّ قد أخذنا حِذْرنا وأسلحتنا. وقرئ "حاذرون "قال [قر ١٣/ ١٠١] ومعناه معنى حَذِرون أي فَرِقُون خائفون. كذا قال: وما كان فرعون وحاشروه ليعترفوا بأنهم فَرِقُوت خائفون، فالمعنى الأول أَدَقّ وأوفقُ لمعنى التركيب. وفي قوله تعالى: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ} [البقرة: ١٩] أي تحرُّزًا من الموت أو اتقاءَه كما يؤخذ من [طب ١/ ٣٥٣، ٥٤] وكذلك ولم يعلق عليهما [قر ١/ ٢٢٠، ٣/ ٢٣١] (أي تحرُّزًا منه) {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [النور: ٦٣] فليتحرزوا من ذلك أو فليتقوه بعدم المخالفة. {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: ٢٨] قال [طب ٦/ ٣١٧]: يخوفكم الله من نفسه أن تركبوا معاصيه (هو كذلك وإنما الأصل في ما أرى: ينبّهكم اللهُ أن تتحرّزوا من عِقابه بطاعته في ما أمر ونهى حيث المصير إليه. ويشهد لما قلت قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: ٣٠] إذ التنبيه إلى التحرّز مما يوجب العقوبة أنسب وأولى بالرؤوف، بينما التخويف يباعد الرأفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>