للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا، وقد ذكرت "حاش لله وحاشى لله في تركيب (حشى) أيًا في [ل، وتاج] وفيهما "حاشة الثوب: جانبه الذي لا هُدب له "ومن هذه الجانبية يؤخذ "حاش لله .. أي براءة لله ومعاذًا لله ". وفيه عن الزجاج في قوله تعالى {وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ} اشُتق من قولك كنت في حشا فلان أي في ناحية فلان. والمعنى في "حاش لله، براءة لله من هذا. وقالوا إن أصلها (حاشي) فكثر في الكلام وحذفت الياء وجعل اسما وإن كان في الأصل فعلًا "، قال ابن الأنباري معنى "حاشى "في كلام العرب: أعزل فلانًا، وصف القوم بالحشى. وأعزله بناحية ولا أدخله في جملتهم. ومعنى الحشى الناحية ".

وفي قوله تعالى: {قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ} [يوسف: ٥١] لحظ ابن عطية أن النساء أجبن "بجواب جيد تظهر منه براءة أنفسهن جملة، وأعطين يوسف بعض براءة. وذلك أن الملك لما قرّر لهن أنهن راودنه قلن جوابًا عن ذلك {حَاشَ لِلَّهِ} ..... وقولهن {مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ} ليس بإبراء تام، وإنما كان الإبراءُ التام وصفَ القصة على وجهها (أي حكاية القصة بتفاصيلها) حتى يتقرر الخطأ في جهتهن، ولو قلن "ما علمنا عليه إلا خيرًا لكان أدخل في التبرئة ".

هذا، وقد جاء في [ل حيش] "الحيش: الفزع، تحيشت نفوس أصحابه: نَفَرت وفزِعت. الحيشانة: المرأة الذعور من الريبة. الحَيْشان: الكثير الفزع "ويلحظ أن الفزع هنا أقرب إلى النفور كما في تحيش النفوِس وذعر المرأة من الريبة. فهو ليس فزع رعب. وبذا فإن معنى (حيش) من جنس معنى (حوش)، لكن حوش تحوز (في)، وجيش تحوز (عن).

<<  <  ج: ص:  >  >>