للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلك الأرض، وكزَبَد القِدْر يندفع منها خارجًا عنها، وكالسهم يتخطى الهدف مبتعدًا عنه. ومنه ما ورد في تفسير حديث: ولا يدخلُ منهم في دين الله إلا الخطيئةُ بعدَ الخطيئة: أي النادرُ القليل [ل حجل ١٥٢] (كأنه تخطّى موقع الجمهور ومآلهم).

ومنه "الخَطَأ ضد الصواب "إذ هو تَخَط للوضع المقصود (كما يقال: فَاته كذا. والمكان الذي لم يُصَبْ وَسَطَ شيءٍ عامّ نسميه فَوْتة).

ولملحظ التخطى هذا استُعمِل التركيبُ كثيرًا في الخطأ ضد العمد {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} [النساء: ٩٢] {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: ٥]، {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦].

ولملحظ الاندفاع في تجاوز الموقع أو الحد في الأصل حمل التركيب معنى التَعَدِّي (عمدًا) أيضًا ولازمه الإثم. {إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} [الإسراء: ٣١]، {إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} [يوسف: ٩٧]، {إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} [يوسف: ٢٩]، {لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (٣٧)} [الحاقة: ٣٧]، {كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (١٦)} [العلق: ١٦] {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} [نوح: ٢٥]، كل ذلك وسائر ما في القرآن من التركيب يفسر بالجرم والإِثم والذَنب. وليس في الأصل ولا الاستعمالات ما هو نص في التعمد إنما هو تعد وتجاوز. ويتأتى ملحظُ التعمد من الاندفاع. ونظيره {يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ} [النساء: ١٧]، وتفسير الجَهَالة بالعمد [قر ٨/ ٩٠]. وأسهم الفرق في الصيغة بين خَطِئَ وأخْطَأ في صنع الفرق في المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>