للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصل, لأن الكتابة تضبط الكلام الشفهي إثباتًا ودوامًا. {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [النساء: ١٦٣] أي كتابًا، {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء: ١٠٥]. بفتح الزاي زَبور داود بعد توراة موسى، وبضم الزاي أي الكتب الثلاثة: التوراة والإنجيل والقرآن. والذكر هو الذي في السماء (أي اللوح المحفوظ).

ومن الأصل أيضًا "أخَذَ الشيءَ بزَبَره - بالتحريك، وزَوْبَره أي بجميعه فلم يدع منه شيئًا ", لأن ردَّ ما شَأْنه أن يتسيب من الشيء وضبطه يجعل الشيء كتلة مجتمعة، فيؤخذ من هذا معنى الكُلّيّة.

ومن الردّ والضبط المعنويين "ما له زَبْر - بالفتح أي عقل وتماسك "، ومنه كذلك "الزَبْر مصدر: الزَجْر والمنع ".

وأما قوله تعالى {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا} [المؤمنون: ٥٣]. فإن إيقاع التقطيع على الأمر، وصيرورته زُبَرًا أي قطعًا يفسر بالشِيَع كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام: ١٥٩]. وهذا التفسير متفق مع الأصل, لأن ما يُضْبَط يتجمع كتلة واحدة ثم بوقوع التقطيع عليها تصير كتلًا. فهذا على القراءة بفتح الباء، أما على القراءة بضمها فتكون الكلمة جمع زَبُور أي كُتُبًا "والمعنى جعلوا دينهم كُتُبًا مختلفة "حسب تعبير ل. ويتأتى هذا المعنى في القراءة الأولى أيضًا، فلينظر في [ل].

ولم يأت في القرآن من مفردات التركيب إلا (الزّبور) وجمعه، وجمع زُبْرة الحديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>