للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"سَخَرتْ السفينةُ - بفتح الخاء قاصر: أطاعَتْ وجَرَتْ وطاب لها السير. وسُفُن سَواخر: إذا أطاعت وطاب لها الريح. وكل ما ذَلّ وانقاد وتهيّأ لك على ما تري فقد سَخَر لك ".

° المعنى المحوري انقيادٌ بيسر مع عدم مقاومة. ويلزم ذلك الخفة. كما تجري السفينة وتتحرك بيسر، لقوتها وضعف مقاومة الماء، في الظرف الموصوف. ومن الانقياد مع عدم المقاومة، وهو خفة حال وقدر، قالوا: "سَخِر منه (تعب) (ومن مصادره: سُخْريًّا بالكسر والضم): هزئ " (وهذا يعبر عن الاستخفاف وعدم التقدير) {لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ} [الحجرات: ١١]، {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي} [المؤمنون: ١١٠].

كما يلزم من عدم المقاومة الضعفُ ومنه جاءت "السُخْرَة - بالضم: ما تَسَخَّرْتَ من خادم أو دابة بلا أجر ولا ثمن (أي بالقهر والاستضعاف حيث لا مقاومة) سخَره - بفتح الخاء، وسخّره - ض، سِخْريًا - بالكسر والضم: كلّفه ما لا يريد وقَهَره/ كلّفه عملًا بلا أجرة {لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزخرف: ٣٢]- أي عبيدًا وأجراء ". واحتياج الأجير إلى العمل ليكسِبَ قُوتَه هو ضعفُه الذي يَقْهَره. وليس في صلب المعنى قيد عدم الأجرة، وإنما هذا إحدى صور القهر والاستضعاف التي استحدثها الناس، فليس من شرع الله أبدًا أن يُسْتَعْمَل أحدٌ بلا أجر. وإنما يتمثل معنى اللفظ في انقياد العامل - بضغط احتياجه - ليعمل لك ما تريد، لكن بأجره).

هذا، وتسخير الله الأرضَ وما فيها والشمس والقمر للآدميين هو إجراؤها على ما يوافقهم وأن ينتفعوا بها مختلف وجوه الانتفاع مذلَّلة لهم فضلًا منه تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>