للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دون القياس مرة، ويترك الصحيح المعروف بالقياس أخرى، فيقول بالقياس مرة، ويتركه بالاستحسان أخرى؛ وهذا (١) لأنه كان يرى الحجة تقوم بخبر المجهول، وبالحديث المنقطع؛ فما وقع إليه من ذلك من حديث بلده قال به وترك القياس لأجله، وما لم يقع إليه من صحيح حديث بلده، أو وقع إليه فلم يثق، قال فيه بالقياس، أو الاستحسان.

وقوله بالحديث المنقطع، ورواية المجهول ما لم يعلم جَرْحه، وتقليده الصحابي الواحد بخلاف القياس فيما بلغه من حديث بلده - يدل على صحة أصل اعتقاده في متابعة الأخبار والآثار.

غير أن هذا القول عند غيره خطأ؛ لِعَوَارِ المنقطع، وضَعْفِ رواية المجهول. وإِنا أُمِرْنا بالعدل والتثبُّتِ فيما طريقه طريق (٢) الأخبار، ولم نُؤمر بأخذها - عَمّن لا يُعْرف، ولم يُرَخَّص لنا في تركها على من يعرف إلا بمثلها، بأن يكون ناسخاً لها أو مخصِّصاً. ولم يَجْر على هذا الأصل الصحيح إلا المُطَّلبي، رحمه الله، فلذلك قال أحمد بن حنبل ما قال.

والذي يوضح ما أشرنا اليه ويؤيده (٣): حكاية عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، عن أبيه، قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى (٤)، قال:


(١) في ا: «وهذه».
(٢) ليست في ا.
(٣) في ا: «ويؤكده».
(٤) في ح: «يونس بن عبد الله بن الأعلى». راجع طبقات الشافعية للعبادي ص ١٨