للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سمعت الشافعي يقول: في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ (١)} قال: في العِبْرة عندكم، إنما كان يقول لشيء لم يكن: كن: فيخرج مُفَصَّلاً بعينيه وأذنيه وأنفه وسمعه ومفاصله، وما خلق الله فيه من العروق. فهذا في العبرة أشدّ من أن يقول لشيء كان: عُدْ إلى ما كنت فهو (٢) إنما أهون عليه في العبرة عندكم، ليس أنّ شيئاً يعظم على الله، عز وجل (٣).

أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، قال: حدثنا أبو العباس الأصم، قال: حدثنا الربيع، قال:

حدثنا الشافعي، قال: سمعت من أثق بخبره وعلمه يذكر: أنّ الله أنزل فَرْضاً في الصلاة، ثم نسخه بفرض غيره، ثم نسخ الثاني بالفرض في الصلوات الخمس.

قال الشافعي: كأنه يعني قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ • قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا • نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا • أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (٤)} ثم نسخه في السورة معه بقوله جل ثناؤه: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ (٥)} فنسخ قيام الليل أو نصفه أو أقل أو أكثر بما تيسر [عليه (٦)].

قال الشافعي: وما أشبه ما قال بما قال، وإن كنت أحبّ أن لا يدع أن


(١) سورة الروم ٢٧
(٢) في هـ: «فهذا أهون» وفي ح: «فهو أهون».
(٣) أحكام القرآن ١/ ٤١.
(٤) سورة المزمل ١ - ٤
(٥) سورة المزمل ٢٠.
(٦) الزيادة من ح.
[م - ١٩] مناقب