للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحسبك بهذا قبحاً وركاكة، وكان يجب أن يتبعه ببيت آخر يذكر فيه أنهم هربوا لئلا يؤخذوا فيعاقبوا عقوبة قطاع الطرق!.

ومن هذا الباب قوله:

سخطت لهاه على جداه سخطة ... فاسترفدت أقصى رضى المسترفد

«فاللها» جمع «لهوة»، وهي: العطية، وأصلها ما تلقيه في فم الرحا من الحب، كأنك جعلته طعمة للرحى، فشبهت العطية به، والجدوى هي العطية أيضاً، فكيف يسخط عطاياه؟، هذا عين الخطأ، ولو قال: «سخطت يداه على جداه» كان قولاً حسناً مستقيماً.

وقد جاء بهذا المعنى في موضع آخر وأتى به على الصواب فقال:

ما التقى وفره ونائله مذ ... كان إلا ووفره المغلوب

قال: والوفر هو المال الكثير، والنائل: هو المال الذي يعطيه، وهو قطعة يقتطعها من وفره، وهو مذهب للوفر ومفنيه، كما قال زهير:

أخو ثقة، لا تهلك الخمر ماله ... ولكنه قد يهلك المال نائله

وقد أحسن البحتري في هذا الباب كل الإحسان وذلك قوله في الكثرة والعموم:

وأنفق في العلياء حتى حسبته ... من الدهر يعطي أو من الدهر ينفق

<<  <  ج: ص:  >  >>