للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[محو الرياح للديار]

قال أبو تمام:

قف بالطلول الدارسات علاثا ... أضحت حبال قطينهن رثاثا

قسم الزمان ربوعها بين الصبا ... وقبولها ودبورها أثلاثا

وهذا غلط منه؛ لأن الصبا هي القبول، ولو قال: بين الصبا وشمالها وجنوبها أثلاثا؛ كان قولاً مستقيماً؛ لأن هذه الرياح الثلاث أكثر هبوباً من الدبور، ولو اقتصر على ريحين كان ذلك أيضاً صواباً، كما قال امرؤ القيس:

* لما نسجتها من جنوب وشمال (٢) *

وكما قال الأعشى:

دمنة قفرة تعاورها الصيـ ... ـف بريحين من صبا، وشمال (٣)

ولكنه جعلها ثلاثاً من أجل القافية لا غير.

وقد حكى عن النضر بن شميل أنه قال: ريح بين الصبا والجنوب.

وهذا إن كان النضر قاله فليس بمعروف ولا معول عليه؛ لأن الناس جميعاً على خلافه في أن القبول هي: الصبا.

وقال ابن الأعرابي: القبول: كل ريح لينة طيبة المس، تقبلها النفس.

وهذا لا حجة فيه لبيت أبي تمام، وقد استقصيت القول في هذا فيما مضى عند ذكر أغاليطه من هذا الكتاب (٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>