للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما قالاه في الوقوف على الديار وفي تعنيف الأصحاب إياهما على ذلك]

قال أبو تمام:

فاعقل بنضو الدار نضوك يقتسم ... فرط الصبابة مسعد وحزين (١)

لا تمنعني وقفة أشفي بها ... داء الفراق فإنها ماعون

واسق الأثافي من دموعك ريها ... إن الضنين بدمعه لضنين

استعار للدار اسم «النضو» لدروسها، من أجل قوله: «نضوك»، يريد بعيره، وذلك رسمه ومذهبه في الاستعارة.

وقوله: «يقتسم فرط الصبابة مسعد وحزين» فإن المسعد ليس عنده من الصبابة ما عند الحزين؛ لأن الصبابة رقة الشوق، فما في المسعد من الاشتياق؟ وكيف فرط الاشتياق؟

والقريب من الصواب قول البحتري:

هل مغرم يعطى الهوى حق الجوى ... منكم فينفد دمعه، أو مسعد (٢)

أي هل مغرم منكم يبكي لغرامه كما أبكي أو مسعد؟ لأن المسعد قد يبكي لبكاء صاحبه وإن لم تك هناك صبابة، أو أن يكون أراد بالمسعد من يقف معه يتألم له ولا يعنفه.

وقول أبي تمام يتجاوز في مثله: لأن الهائم الصب إذا وجد من يرق له ويرحمه ويظهر الاغتمام بأمره، يخيل إليه أن من شأنه أن يحزن كحزنه، ويبكي كبكائه وقد قال البحتري في مثل هذا:

<<  <  ج: ص:  >  >>