للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو تمام:

ضعفت جوانح من أذاقته النوى ... طعم الفراق فذم طعم العلقم (١)

هي ميتة إلا سلامة أهلها ... من خلتين: من الثرى والمأتم (٢)

قوله: «ضعفت» دعاء عليها، أي أضعف الله جوانح من أذاقته النوى طعم الفراق فذم طعم العلقم.

والجوانح: هي الأضلاع الصغار في الصدر، التي تلي الفؤاد، الواحدة جانحة، فكأنه يدعو عليها بأن تضعف عن حمل حرارة التشوق، وحرق الفراق (٣) إن كان صاحبها قد ذاق طعم الفراق، وعلم مرارته فذم طعم العلقم.

و «ضعفت» كلام ضعيف في هذا الغرض جداً، و «أضعف الله» لو كان استوى له أن يقولها أحسن، وأبلغ من ضعفت.

وعلى أنه كلام لا يشبه بعضه بعضاً، و «حواس» ههنا أحسن وأليق، وأشبه من «جوانح»؛ لأنه ذكر الطعم فكانت الحواس مع الطعم لفظاً يشبه لفظاً، ومعنى يشبه معنى، أو كان يقول لو استوى نظمه: «ضعفت جوانح من أحرقت نار الهوى جوانحه فذم حرارة النار، أو فوجد للنار حرارة».

ومنهم من يجعل «ضعفت» خبراً، أي لقد ضعفت جوانح من ذاق

<<  <  ج: ص:  >  >>