للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال البحتري:

سقى الله أخلاقاً من الدهر رطبة ... سقتنا الجوى إذ أبرق الحزن أبرق (١)

ليال سرقناها من الدهر بعدما ... أضاء بمصباح من الشيب مفرق (٢)

تداويت من ليلى بليلى فما شفى ... بماء الزبى من بات بالماء يشرق (٣)

وهذا من أحسن معنى وأحلاه، وقوله: «إذ أبرق الحزن أبرق»، أي كما عدناه، لا كما هو في الوقت من الخراب.

وقوله: «تداويت من ليلى بليلى» أي فلم (٤) أبرأ من الداء كما أن من شرق بالماء لم يدفع شرقه الماء ولو تناهى في الكثرة حتى يبلغ الزبى وهو من قولهم: بلغ الماء الزبى (٥): جمع زبية، وهي حفرة تحفر للأسد في أعلى ما يمكن من المواضع فلهذا ضرب [بها] (٦) المثل في كثرة الماء فقيل: بلغ الماء الزبى.

فالشرق بالماء لا يزيله الماء كما قال عدي بن زيد:

لو بغير الماء حلقي شرق ... كنت كالغصان بالماء اعتصاري (٧)

فقال البحتري ليؤكد ذلك بقاء حبه، أي لا يكون برئي من حبها أن تداوي منها بها كما لا يدفع الماء شرق من شرق بالماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>