للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ضمير ورجل تفسير، كأنك قلت: محمود من الرجال أو في الرجال بقولك: نعم رجلا، فإذا قلت: عبد الله، أوضحت من تعني بالمدح <أو الذم> وإنما احتجت إلى ذكرك رجلا بعد نعم لأن نعم مبهمة تقع على كل شيء فإذا قلت: رجلا أو دابة أو دارا، أوضحت النوع الذي كان ممدوحك <أو مذمومك> منه، وكذلك إذا قلت: نعم الرجل وبئس الرجل، احتجت إلى أن تقول: زيد أو ما أشبهه، وكان الرجل غير مخصوص ولكنه واحد من جنس يدل على جميع جنسه بديًّا حتى تختص ذكر من إليه تقصد لأن معناه من الرجال وهو قولك: أهلك الناس الدينار والدرهم، وكثر الشاة والبعير، أي: هذا النوع، وفلان يملك العبد الفاره أبدا والدابة الجواد، ومن ذلك قوله تعالى: {إن الإنسان لفي خسر} ثم قال جل وعز: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} ومن [ذلك] قولك: رأيت الأسد، لست تعني أسدا بعينه ولكنك تقول: الواحد من النوع الذي سمعت به.

قال أحمد: لو تأمل محمد هذا الفصل الذي حكاه عن سيبويه لأغناه عن الرد عليه، وهو قوله (فنعم تكون مرة عاملة في مضمر يفسره ما بعده وتكون مرة أخرى تعمل في مظهر لا تجاوزه)، فلو أنعم النظر في هذا الفصل لعلم أنه لم يناقض كما ذكر، وإنما اشتبه عليه قوله في موضع: إنها لا تعمل في المعروف إلا مضمرا، ثم ذكر أنها تعمل في المظهر في قولك: نعم الرجل عبد الله، وهذا الموضع غير ذلك الموضع لأنك إذا عديتها إلى نكرة تبين بها الضعف في قولك: نعم رجلا عبد الله، فلا يجوز في هذا البتة أن تعمل في المعروف إلا مضمرا، ألا ترى أنك لو أتيت مع رجل /٧٥/ باسم فيه الألف واللام لم يجز، وإذا قلت: نعم الرجل عبد الله لم تجاوز الرجل إلى نكرة منصوبة، فهذا تأويل قوله: وتكون مرة أخرى تعمل في مظهر لا تجاوزه، أي: لا تجاوزه إلى منصوب، فالمنصوب لا يكون معه إلا المضمر،

<<  <   >  >>