للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمرك ألاّ تحدث في القاسم بن عيسى حدثا حتى تسلمه إلي، ثم التفت إلى العدول وقال:

اشهدوا أني قد أديت الرسالة إليه والقاسم حي معافى، فقالوا: شهدنا، وخرج، فلم يقدر الأفشين على أن يحدث في القاسم مكروها، وسار ابن أبي دؤاد إلى المعتصم من وقته وقال: يا أمير المؤمنين؛ قد أديت عنك رسالة لم تقلها لي، ما أعتد بعمل خير خيرا منها، وإني لأرجو لك الجنة بها، ثم أخبره الخبر، فصوب رأيه، ووجّه من أحضر القاسم، فأطلقه ووهب له، وعنف الأفشين فيما عزم عليه.

قال بعضهم: ما رأيت قط أطوع لأحد من المعتصم لابن أبي دؤاد، وكان يسأل الشيء فيمتنع منه، ثم يدخل ابن أبي دؤاد فيكلمه في أهله، وفي أهل الثغور، وفي الحرمين، وفي أقاصي أهل المشرق والمغرب، فيجيبه إلى كل ما يريد، ولقد كلمه يوما في مقدار ألف ألف درهم ليحفر بها نهرا في أقصى خراسان، فقال له المعتصم: وما علي من هذا النهر؟ فقال: يا أمير المؤمنين؛ إن الله سائلك عن النظر في أقصى رعيتك كما يسألك عن النظر في أدناها، ولم يزل يرفق به حتى أطلقها.

وقال الحسين بن الضحاك الشاعر لبعض المتكلمين: ابن أبي دؤاد عندنا لا يعرف اللغة، وعندكم لا يحسن الكلام، وعند الفقهاء لا يعرف الفقه، وهو عند المعتصم يعرف هذا كله.

وقال أحمد بن عبد الرحمن الكلبي: ابن أبي دؤاد روح من قرنه إلى قدمه.

١١٨٦ - [أبو ثور الكلبي] (١)

إبراهيم بن خالد الكلبي البغدادي المعروف بأبي ثور، أحد الأئمة الأعلام.

توفي سنة أربعين ومائتين، مذكور في الأصل.

قال أحمد ابن حنبل: هو عندي في مسلاخ سفيان الثوري، أعرفه بالسنة من خمسين سنة (٢).


(١) «الجرح والتعديل» (٢/ ٩٧)، و «تاريخ بغداد» (٦/ ٦٣)، و «سير أعلام النبلاء» (١٢/ ٧٢)، و «تاريخ الإسلام» (١٧/ ٦٣)، و «تهذيب التهذيب» (١/ ٦٤).
(٢) المسلاخ: الجلد، والمراد: هو مثله في هيئته وطريقته.

<<  <  ج: ص:  >  >>