للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قمت وتأهبت، وأمرها بالتأهب، وأصحبها جارية سوداء تعادلها وتخدمها، وأمر بناقة ومحمل فأدخلت فيه، فسرنا إلى مكة مع القافلة، فقضينا حجنا، ثم دخلنا في قافلة العراق وسرنا، فلما وردنا القادسية .. أتتني السوداء فقالت: تقول لك سيدتي: أين نحن؟ فقلت لها: نزول بالقادسية، فأخبرتها، فسمعت صوتها قد ارتفع بالغناء بالأبيات المذكورة، فتصايح الناس: أعيدي بالله، أعيدي بالله، فما سمع لها كلمة.

ثم سرنا فنزلنا الياسرية-بمثناة من تحت، ثم ألف، ثم سين مهملة، ثم راء، ثم ياء النسب، ثم هاء-بينها وبين بغداد خمسة أميال في بساتين متصلة ينزل الناس بها ثم يبكرون بالدخول إلى بغداد، فلما كان وقت الصباح .. إذ بالسوداء قد أتتني مذعورة فقلت: ما لك؟ ! قالت: إن سيدتي ليست بحاضرة، فقلت: ويلك، أين هي؟ قالت: والله ما أدري، قال:

فلم أحس لها أثرا بعد ذلك، ودخلت بغداد وقضيت حوائجي، ثم انصرفت إلى الأمير تميم فأخبرته خبرها، فعظم ذلك عليه، واغتم لها غما شديدا، ثم ما زال ذاكرا لها).

توفي موسى بن عبد الملك المذكور في سنة ست وأربعين ومائتين.

١٢٢١ - [أحمد بن أبي الحواري] (١)

أحمد بن أبي الحواري، الإمام العارف بالله.

سمع معاوية وطبقته، وكان من كبار المحدثين، وأحد الصوفية العارفين، صحب الشيخ أبا سليمان الداراني، وكان سيد الطائفة أبو القاسم الجنيد يقول فيه: أحمد بن أبي الحواري ريحانة الشام.

وكانت زوجته رابعة الشامية تقول له: أحبك حب الإخوان لا حب الأزواج، وكانت تطعمه الطيّب وتطيبه وتقول له: اذهب بنشاطك إلى أزواجك، وتقول إذا قامت من الليل: [من الكامل]

قام المحب إلى المؤمّل قومة ... كاد الفؤاد من السرور يطير

ومن كلامه رضي الله عنه: من نظر إلى الدنيا نظر إرادة وحب .. أخرج الله نور اليقين


(١) «الجرح والتعديل» (٢/ ٤٧)، و «حلية الأولياء» (١٠/ ٥)، و «الرسالة القشيرية» (ص ٨٦)، و «سير أعلام النبلاء» (١٢/ ٨٥)، و «تاريخ الإسلام» (١٨/ ٥١)، و «مرآة الجنان» (٢/ ١٥٣)، و «البداية والنهاية» (١٠/ ٨٠٠)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (١/ ٥٣٤)، و «شذرات الذهب» (٣/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>