للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما بلغ صلّى الله عليه وسلم عشرين سنة .. حضر مع عمومته حرب الفجار في شوال، سمي بذلك لكونه في الأشهر الحرم، ورمى فيه صلّى الله عليه وسلم بأسهم، وكان بين قريش وهوازن (١).

ولما بلغ صلّى الله عليه وسلم خمسا وعشرين سنة .. خرج ثانيا إلى الشام مع ميسرة غلام خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى في تجارة لها، وكانت استأجرته على أربع بكرات (٢) حتى بلغ سوق بصرى ونزل تحت شجرة، فقال نسطور الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي (٣).

وكان ميسرة يرى في الهاجرة ملكين يظلاّنه صلّى الله عليه وسلم من الشمس، فأخبر خديجة بذلك، فرغبت فيه صلّى الله عليه وسلم؛ لما سبق لها من سابق السعادة، فخطبته إلى نفسها، فتزوجها صلّى الله عليه وسلم بعد رجوعه من الشام لنحو ثلاثة أشهر، وكانت خديجة إذ ذاك ابنة أربعين (٤) أو خمس وأربعين أو خمسين سنة (٥).

ولمّا بلغ صلّى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين سنة .. بنت قريش الكعبة، وتنافسوا في وضع الحجر في محله، فاتفقوا على أن يضعه أول داخل عليهم؛ فكان أول داخل عليهم النبي صلّى الله عليه وسلم، فوضع الحجر بيده الكريمة في موضعه (٦) وذلك في يوم الاثنين.

ولمّا بلغ صلّى الله عليه وسلم ثمانيا وثلاثين سنة .. كان صلّى الله عليه وسلم يرى الضوء والنور، ويسمع الصوت والنداء، ولا يرى أحدا (٧)، وحبّب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء (٨)، وكان عبادته الذكر، وقيل: الفكر.

قال الشيخ العامري: (والظاهر: أنه كان قبل النبوة يدين بشريعة إبراهيم.


(١) انظر «سيرة ابن هشام» (١/ ١٨٤)، و «طبقات ابن سعد» (١/ ١٠٤)، و «الروض الأنف» (٢/ ١٤٦).
(٢) البكرات-جمع بكرة-وهي: الفتيّة من الإبل.
(٣) أي: ما نزل تحتها هذه الساعة إلا نبي. وانظر «الروض الأنف» (٢/ ١٥١)، والتعقب عليه في «سبل الهدى والرشاد» (٢/ ٢١٨).
(٤) وهو الراجح من الأقوال، وهو قول ابن سعد (١/ ١٠٩)، والطبري (٢/ ٢٨٠)، وانظر «سبل الهدى والرشاد» (٢/ ٢٢٥).
(٥) أخرجه أبو نعيم في «الدلائل» (١/ ٢١٩)، والبيهقي في «الدلائل» (٢/ ٦٦).
(٦) أخرجه أحمد (٣/ ٤٢٥)، والطيالسي (١١٣)، والبيهقي في «الدلائل» (٢/ ٥٦)، وغيرهم.
(٧) أخرجه مسلم (٢٣٥٣/ ١٢٣)، والحاكم (٢/ ٦٢٧)، والبيهقي (٦/ ٢٠٧)، وأحمد (١/ ٢٦٦).
(٨) أخرجه البخاري (٤)، ومسلم (١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>