للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان في ابتداء أمره صيرفيا، ثم انتقل إلى بغداد واشتغل بعلوم الأوائل، فمهر فيها، وبرع في الطب، وكان الغالب عليه الفلسفة.

وله نحو عشرين مؤلفا في فنون من العلم، وهذب «كتاب اقليدس» الذي عربه حنين بن إسحاق العبادي، ونقحه، وأوضح منه ما كان مستعجما.

وكان من أعيان عصره في الفضائل.

وجرى بينه وبين أهل مذهبه أشياء أنكروها عليه في المذهب، فرفعوه إلى رئيسهم، فأنكر عليه مقالته، ومنعه من دخول الهيكل، فتاب ورجع عن ذلك، ثم عاد مدة إلى تلك المقالة، فمنعوه من الدخول إلى المجمع، فخرج من حران، فلما قدم محمد بن موسى من بلاد الروم راجعا إلى بغداد .. اجتمع به، فرآه فاضلا فصيحا، فاستصحبه إلى بغداد، فأولد بها أولادا.

وكان له ولد يسمى: إبراهيم، بلغ رتبة أبيه في الفضل، وكان من حذاق الأطباء، ومقتدى أهل زمانه في صناعة الطب، عالج السري الشاعر، فأصاب العافية، فعمل فيه أبياتا وهي: [من الكامل]

هل للعليل سوى ابن قرّة شافي ... بعد الإله وهل له من كافي

أحيا لنا رسم الفلاسفة الذي ... أودى وأصبح رسم طبّ عافي

مثلت له قارورتي فرأى بها ... ما اكتنّ بين جوانحي وشغافي

يبدو له الداء الخفي كما بدا ... للعين رضراض الغدير الصافي

فكأنه عيسى ابن مريم ناطقا ... يهب الحياة بأيسر الأوصاف

ولقد بالغ في البيت الأخير بما يؤدي إلى الطغيان.

وقيل: إن هذه الأبيات قالها السري في حفيده ثابت بن سنان ابن قرة، وكان كجده طبيبا عالما نبيلا، تقرأ عليه كتب: «بقراط»، و «جالينوس»، وكان فكاكا للمعاني، وله تصنيف في التاريخ أحسن فيه، وكان ببغداد في أيام معز الدولة بن بويه.

توفي جده ثابت بن قرة المذكور سنة ثمان وثمانين ومائتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>