للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قصد صنعاء، فهرب منه أسعد بن أبي يعفر، ودخل علي بن الفضل صنعاء، وأظهر مذهبه القبيح، وادعى النبوة، واستحلال الخمر ونكاح المحارم، وكان يؤذن المؤذن في محلته: أشهد أن علي بن الفضل رسول الله، وأنشد أبياته المشهورة على منبر جامع صنعاء- وقيل: جامع الجند-: [من المتقارب]

خذي الدف يا هذه والعبي ... وغني هذاذيك ثم اطربي (١)

تولى نبي بني هاشم ... وهذا نبي بني يعرب

لكل نبي مضى شرعة ... وهاتا شريعة هذا النبي

فقد حط عنا فروض الصلاة ... وفرض الصيام فلم نتعب

إذا الناس صلوا فلا تنهضي ... وإن صوّموا فكلي واشربي

ولا تطلبي السعي عند الصفا ... ولا زورة القبر في يثرب

ولا تمنعي نفسك المعرسين ... من الأقربين أو الأجنبي

بماذا حللت لهذا الغريب ... وصرت محرمة للأب

أليس الغراس لمن ربّه ... وأسقاه في الزمن المجدب

وما الخمر إلا كماء السما ... يحل فقدّست من مذهب

بل قبحت من مذهب، وهي أكثر من ذلك حلّل فيها سائر المحرمات.

ثم سار من صنعاء إلى حراز وملحان، ثم نزل المهجم فقتل صاحبها، ثم أخذ الكدراء، ثم سار إلى زبيد، فهرب صاحبها إسحاق الزيادي، مقدم الذكر، فهجم على من فيها واستباحهم، وسبى من زبيد أربعة آلاف عذراء، ثم خرج يريد المذيخرة، فلما بلغ الملاحيط .. أمر أصحابه بقتل من معهم من النساء؛ زعم أنهن شغلنهم عن الجهاد، فقتلوهن أجمع، وكن أربعة آلاف عذراء، وأمر بقطع الحج كما قيل.

ثم إن أهل صنعاء استعانوا بالهادي يحيى بن الحسين-المقدم الذكر في آخر المائة قبل هذه (٢) -فسار إليهم من صعدة، ووجه ابنه أبا القاسم المرتضى إلى ذمار ومخاليفها، فجمع


(١) هذاذيك: من الهذّ وهو سرعة القطع والقراءة، تقول: ضربا هذاذيك؛ أي: ولاء وتباعا.
(٢) لم نجده مذكورا في المائة قبل هذه، وهو الإمام أبو الحسين يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الملقب بالهادي إلى الحق. ولد بالمدينة سنة (٢٥٤ هـ‍) وتوفي بصعدة سنة (٢٩٨ هـ‍).انظر ترجمته في «الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية» (٢/ ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>