للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها: حج صلّى الله عليه وسلم بالناس حجة الوداع، وفي يوم عرفة بعرفة: نزل قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً.}

[وفي صفر سنة إحدى عشرة]

ضرب صلّى الله عليه وسلم بعثا إلى الشام، وأمّر عليهم أسامة بن زيد بن حارثة مولاه، وأمره أن يوطئ [الخيل] تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين.

وفي أول شهر ربيع الأول: خرج صلّى الله عليه وسلم ليلا إلى البقيع، فدعا لهم واستغفر كالمودع للأموات، وأصبح يشكو رأسه.

قلت: وفي بعض السير: بدأ المرض برسول الله صلّى الله عليه وسلم لليلتين بقيتا من شهر صفر، والله أعلم (١).

فخرج صلّى الله عليه وسلم عاصبا رأسه، وصعد المنبر، وحثّهم على تنفيذ جيش أسامة، وانضم إلى الصّداع الحمّى، وأصابه أيضا وجع الخاصرة، وقال صلّى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه: «يا عائشة؛ ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السّم» (٢)، فيحتمل أن يكون مع وجودها تداعت أسباب هذه الأواجع كلها.

واشتد وجعه في بيت ميمونة وفي يومها، فاستأذن صلّى الله عليه وسلم أزواجه أن يمرض في بيت عائشة، فأذنّ له، فخرج من بيت ميمونة إلى بيت عائشة ويد له على علي والأخرى على الفضل بن العباس.

وتوفي صلّى الله عليه وسلم آخر يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول حين اشتد الضحى.

وقال السهيلي: (لا يصح أن تكون وفاته يوم الاثنين إلا في ثاني الشهر أو ثالث عشره أو رابع عشره أو خامس عشره؛ للإجماع على أن وقوفه بعرفة كان يوم الجمعة، فيكون ذو الحجة بالخميس والمحرم بالجمعة أو بالسبت، فإن كان بالجمعة .. فصفر إما بالسبت أو بالأحد، فأول ربيع إما الأحد أو الاثنين أو الثلاثاء، وإن كان المحرم بالسبت .. فصفر إما


(١) انظر الخلاف في ذلك في «فتح الباري» (٨/ ١٢٩).
(٢) أخرجه البخاري معلقا بصيغة الجزم في (كتاب المغازي)، باب: مرض النبي ووفاته، ووصله الحاكم في «المستدرك» (٣/ ٥٨)، وأخرجه أبو داود (٥/ ١٣٨)، والبيهقي (١٠/ ١١) وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>