للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأحد أو الاثنين، فأول ربيع إما الاثنين أو الثلاثاء أو الأربعاء) (١).

وكان شدة مرضه اثني عشر يوما، وغسّل صلّى الله عليه وسلم في قميصه من ماء بئر يقال لها: الغرس (٢) ثلاث غسلات بماء وسدر، وولي غسله علي والعباس وابنه الفضل، وكان قثم وأسامة يصبون الماء وأعينهم معصوبة، وحضرهم أوس بن خولي من غير أن يلي شيئا، وقيل: كان يحمل الماء، وحنّط صلّى الله عليه وسلم بالكافور، وقيل: بالمسك، وكفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية، نسبة إلى السّحول باليمن، وصلّى عليه المسلمون فرادى؛ الرجال ثم الصبيان ثم النساء، وألحد قبره، وفرش شقران فيه قطيفة كان يتغطى بها صلّى الله عليه وسلم، وتولّى دفنه العباس وعلي والفضل وقثم وشقران وابن عوف وعقيل وأسامة وأوس بن خولي، وعمره صلّى الله عليه وسلم ثلاث وستون سنة، وما في «مسلم» بأنه ابن خمس وستين (٣) .. باعتبار سنتي المولد والوفاة.

فصل

في ذكر صفته صلّى الله عليه وسلم وأخلاقه وشمائله ومعجزاته وغير ذلك

أما صفته صلّى الله عليه وسلم

: فروي عن علي رضي الله عنه: (أنه لم يكن بالطويل الممغّط-أي: الذاهب طولا-ولا بالقصير المتردد، كان ربعة من القوم، لم يكن بالجعد القطط، ولا بالسّبط، كان جعدا رجلا، ولم يكن بالمطهّم-أي: البادن الكثير اللحم- ولا بالمكلثم-أي: القصير الحنك الناتئ الجبهة-كان في وجهه تدوير، أبيض مشرب، أدعج العينين، أهدب الأشفار، جليل المشاش والكتد، أجرد ذو مسربة، شثن الكفين والقدمين، إذا مشى .. تقلّع كأنما ينحط من صبب، وإذا التفت .. التفت معا، بين كتفيه خاتم النبوة وهو خاتم النبيين، أجرأ الناس صدرا، وأصدقهم لهجة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة .. هابه، ومن خالطه معرفة .. أحبه، يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله صلّى الله عليه وسلم) (٤).


(١) «الروض الأنف» (٧/ ٥٧٧)، وانظر «البداية والنهاية» (٥/ ٢٦٧).
(٢) الغرس: بئر بقباء كانت لسعد بن خيثمة، وكان يستعذب منها الماء لرسول صلّى الله عليه وسلم.
(٣) «صحيح مسلم» (٢٣٥٣).
(٤) أخرجه الترمذي (٣٦٣٨)، والبيهقي في «الشعب» (١٤١٥)، وابن أبي شيبة (٧/ ٣٥٤)، وابن سعد (١/ ٣٥٤)، والخطيب في «تاريخه» (١١/ ٣١). والقصير المتردد: الداخل بعضه في بعض قصرا. الربعة: بين الطويل والقصير. الجعد القطط: شديد الجعودة.-

<<  <  ج: ص:  >  >>