للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنشده أيضا قصيدة يقول فيها: [من الطويل]

وأخلاق كافور إذا شئت مدحه ... وإن لم أشأ تملي عليّ فأكتب

إذا ترك الإنسان أهلا وراءه ... ويمّم كافورا فما يتغرّب

ومن جملتها:

يضاحك في ذا العيد كلّ حبيبه ... حذائي وأبكي من أحب وأندب

أحنّ إلى أهلي وأهوى لقاءهم ... وأين من المشتاق عنقاء مغرب

فإن لم يكن إلا أبو المسك أو هم ... فإنك أحلى في فؤادي وأعذب

وكل امرئ يولي الجميل محبّب ... وكل مكان ينبت العز طيّب (١)

ومن قصيدة أخرى هي آخر قصيدة أنشده: [من الطويل]

أرى لي بقربي منك عينا قريرة ... وإن كان قربا بالبعاد يشاب

وهل نافعي أن ترفع الحجب بيننا ... ودون الذي أمّلت منك حجاب

وفي النفس حاجات وفيك فطانة ... سكوتي بيان عندها وخطاب

وما أنا بالباغي على الحب رشوة ... ضعيف هوى يبغى عليه ثواب

وما شئت إلا أن أدل عواذلي ... على أن رأيي في هواك صواب

وأعلم قوما خالفوني فشرقوا ... وغربت أني قد ظفرت وخابوا

جرى الخلف إلا فيك أنك واحد ... وأنك ليث والملوك ذئاب

وإنّ مديح الناس حق وباطل ... ومدحك حق ليس فيه كذاب

إذا نلت منك الود فالمال هيّن ... وكل الذي فوق التراب تراب

وما كنت لولا أنت إلا مهاجرا ... له كلّ يوم بلدة وصحاب

ولكنك الدنيا إلي حبيبة ... فما عنك لي إلا إليك ذهاب (٢)

وأقام المتنبي بعد إنشاء هذه القصيدة بمصر سنة لا يلقى كافورا غضبا عليه، يركب في خدمته؛ خوفا منه ولا يجتمع به، واستعد للرحيل في الباطن، وجهز جميع ما يحتاج إليه،


(١) «ديوان المتنبي» (١/ ١٨١).
(٢) «ديوان المتنبي» (١/ ١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>