للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في يوم عرفة سنة خمسين وثلاث مائة قبل مفارقته مصر بيوم واحد قصيدته الدالية التي هجا كافورا فيها، وفي آخرها: [من البسيط]

من علّم الأسود المخصي مكرمة ... أقومه البيض أم آباؤه الصيد (١)

وله فيه من الهجو كثير تضمنه «ديوانه»، ثم فارقه ورحل إلى عضد الدولة.

ذكر بعضهم قال: حضرت مجلس كافور الإخشيذي، فدخل رجل ودعا له، فقال في دعائه: أدام الله تعالى أيام مولانا-بكسر الميم من أيام-فتكلم جماعة من الحاضرين في ذلك وعابوا عليه، فقام رجل من أوساط الناس وأنشد مرتجلا: [من البسيط]

لا غرو إن لحن الداعي لسيدنا ... أو غصّ من دهش بالريق أو بهر

فتلك هيبته حالت جلالتها ... بين الأديب وبين القول بالحصر

وإن يكن خفض الأيام من غلط ... في موضع النصب لا عن قلة النظر

فقد تفاءلت من هذا لسيدنا ... والفأل مأثورة عن سيد البشر

بأن أيامه خفض بلا نصب ... وأن أوقاته صفو بلا كدر

الحصر-بفتح الحاء والصاد المهملتين-: العي، وهو أيضا ضيق الصدر.

ولم يزل كافور مالكا لمصر والشام، يدعى له على المنابر بمكة والحجاز وجميع ديار مصر وبلاد الشام في دمشق وحلب وأنطاكية وطرسوس والمصيصة وغير ذلك إلى أن توفي سنة ست-أو سبع (٢) -وخمسين وثلاث مائة، وعمره نيف وستون سنة.

١٦٠٥ - [سيف الدولة] (٣)

علي بن عبد الله بن حمدان التغلبي الجزري الأمير، الجليل الشأن، المعروف بسيف الدولة، كان بطلا شجاعا أديبا شاعرا جوادا ممدحا.

قال أبو منصور الثعالبي في كتابه «يتيمة الدهر»: (كان بنو حمدان ملوكا، أوجههم


(١) «ديوان المتنبي» (٢/ ٤٦)، والصيد: جمع أصيد، وهم الملوك ذوو الكبرياء.
(٢) وقيل: خمس وخمسين، وقيل أيضا: ثمان وخمسين.
(٣) «يتيمة الدهر» (١/ ٣٧)، و «الكامل في التاريخ» (٧/ ٢٧١)، و «وفيات الأعيان» (٣/ ٤٠١)، و «سير أعلام النبلاء» (١٦/ ١٨٧)، و «تاريخ الإسلام» (٢٦/ ١٤٥)، و «العبر» (٢/ ٣١١)، و «مرآة الجنان» (٢/ ٣٦٠)، و «البداية والنهاية» (١١/ ٣١٦)، و «شذرات الذهب» (٤/ ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>