للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٦٢٥ - [ابن هاني الأندلسي] (١)

محمد بن هاني الأندلسي الشاعر المشهور، قيل: إنه من ولد يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي، وقيل: هو من ولد روح بن حاتم أخي يزيد المذكور.

كان أبوه هاني من قرية من قرى المهدية بإفريقية، وكان شاعرا أديبا، فانتقل إلى الأندلس، فولد بها محمد المذكور بمدينة إشبيلية، وحظي عند ملكها، وكان منتهكا للمحرمات، منهمكا في اللذات، متهما بالعقائد الفلسفيات، فلما اشتهر ذلك عنه .. نقم عليه أهل إشبيلية، وساءت المقالة في حق الملك بسببه، واتهم بمذهبه، فأشار الملك عليه بالغيبة من البلد مدة ينسى فيها خبره، فانفصل عنها وعمره حينئذ سبع وعشرون سنة، وحديثه يطول، وخلاصته:

أنه خرج فلقي جوهرا القائد مولى منصور، فامتدحه، ولم يزل يرحل ويمتدح ولاة الأمر إلى أن نمي خبره إلى المعز أبي تميم معدّ بن المنصور العبيدي، فلما انتهى إليه .. بالغ في الإنعام عليه، ثم توجه المعز إلى الديار المصرية-كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى (٢) - فشيعه ابن هاني المذكور، ورجع إلى المغرب؛ لأخذ عياله والالتحاق به، فتجهز وتبعه، فلما وصل برقة .. أضافه شخص من أهلها، فأقام عنده أياما في مجلس الأنس، فيقال:

إنهم عربدوا عليه فقتلوه.

وقيل: إنه خرج من تلك الدار وهو سكران، فنام في الطريق، وأصبح ميتا، ولم يعرف سبب موته.

وقيل: إنه وجد في سانية من سواني برقة مخنوقا بتكة سراويله، وذلك لسبع ليال بقين من رجب سنة اثنتين وستين وثلاث مائة، وعمره ست وثلاثون سنة، وقيل: اثنتان وأربعون سنة، ولما بلغ المعزّ وفاته وهو بمصر .. أسف عليه كثيرا وقال: هذا الرجل كنا نرجو أن نفاخر به شعراء المشرق، فلم يقدر لنا ذلك.


(١) «جذوة المقتبس» (ص ٨٩)، و «وفيات الأعيان» (٤/ ٤٢١)، و «معجم الأدباء» (٧/ ٦٧)، و «سير أعلام النبلاء» (١٦/ ١٣١)، و «تاريخ الإسلام» (٢٦/ ٢٩٩)، و «العبر» (٢/ ٣٣٤)، و «مرآة الجنان» (٢/ ٣٧٥)، و «شذرات الذهب» (٤/ ٣٢٩).
(٢) انظر (٣/ ١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>