للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٧٧٦ - [الأمير الحسين بن سلامة] (١)

الأمير الكبير أبو عبد الله الحسين بن سلامة، أمير تهامة اليمن.

كان أسود نوبيا، مولى لرشيد مولى بني زياد، نشأ على أحسن سيرة حازما عازما عفيفا، شريف النفس، عالي الهمة.

فلما مات سيده رشيد .. وزر لولد أبي الجيش ولأخته هند بنت أبي الجيش، وكانت دولة بني زياد قد تضعضعت أطرافها، وتغلب ولاة الحصون والجبال على ما تحت أيديهم منها، فنهض الحسين بن سلامة، وحارب أهل الجبال حتى دانوا له ودان له صاحب المخلاف السليماني، وابن الحرامي صاحب حلي، واستوثقت المملكة، وعادت على الحال الأول، وتقررت قواعد الملك، فاختط مدينة الكدراء على وادي سهام، والمهجم على وادي ذؤال، وكان عدلا في أحكامه، مشفقا على رعيته، كثير الصدقات والصّلات، مقتديا بسيرة عمر بن عبد العزيز في أكثر أحواله.

أنشأ الجوامع الكبار، والمنائر الطوال، وحفر الآبار الروية، والقلب العادية من حضرموت إلى مكة المشرفة، وله مآثر دينية، وأخبار مشهورة، ومناقب مأثورة.

يروى أن شخصا أتى إليه وقال له: أرسلني رسول الله صلّى الله عليه وسلم إليك بأن تدفع لي ألف دينار، فقال له: لعل الشيطان تمثل لك، فقال: لا، وعلامة ذلك أنك منذ عشرين سنة كل ليلة لا تنام حتى تصلي على النبي صلّى الله عليه وسلم مائتي مرة، فبكى الحسين وقال: أمارة-والله-صحيحة، لم يعلم بها إلا الله عزّ وجل، ودفع إليه ألف دينار.

وأقام في الملك ثلاثين سنة، وتوفي سنة اثنتين وأربع مائة، وقد بسطنا ترجمته في «تاريخ عدن» (٢)، وما ذكرناه في وفاته هو ما ذكره عمارة والجندي (٣).

قال الخزرجي: (وما في «كامل ابن الأثير» من أنه توفي سنة ثمان وعشرين وأربع


(١) «معجم البلدان» (٤/ ٤٤١)، و «الكامل في التاريخ» (٧/ ٧٨٢)، و «السلوك» (٢/ ٤٧٩)، و «سير أعلام النبلاء» (١٧/ ١٨٠)، و «طراز أعلام الزمن» (١/ ٣٥٢)، و «تحفة الزمن» (٢/ ٤٤٧)، و «تاريخ ثغر عدن» (٢/ ٥٩).
(٢) «تاريخ ثغر عدن» (٢/ ٥٩).
(٣) انظر «السلوك» (٢/ ٤٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>