للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان قابوس من محاسن الدنيا وبهجتها، غير أنه سريع الغضب، شديد السطوة، لا يعرف العفو عن الزلة، ولا الصفح عن الجاني، فاستوحشت منه النفوس، فأجمع أهل عسكره على خلعه عن ولايته، ونزع الأيدي عن طاعته، فحالوا بينه وبين جرجان وملكوها، وبعثوا إلى ولده أبي منصور منوجهر ليعقدوا البيعة له، فلما وصل إليهم ..

أجمعوا على طاعته إن خلع أباه، فلم يسعه في تلك الحال إلا المداراة، فأجابهم إلى مطلوبهم، فلما رأى قابوس ذلك .. توجه بمن معه من خواصه إلى ناحية بسطام لينظر ما يستقر عليه الأمر، فحملوا ولده على قصده وإزعاجه عن مكانه ومقابلته بالشر، فسار معهم مضطرا إلى حرب أبيه، فتلاقيا وتباكيا، وعرض الولد نفسه أن يكون حجابا بينه وبين أعاديه، ورأى الوالد أن ذلك لا يجدي، وأن ولده أحق بالولاية والملك بعده، فسلم إليه خاتم المملكة، واستوصاه خيرا بنفسه ما زال في الحياة، واتفقا على أن يكون قابوس في بعض القلاع إلى حلول أجله أو فناء أعاديه، فانتقل إلى قلعة هناك، وشرع الولد في الإحسان إلى الجيش وهم يسومون والده المهالك، فلم يزالوا يسيئون وهو يحسن إليهم حتى قتلوا والده؛ خشية قيامه عليهم، فآل الأمر إلى ما ذكر من انكساف الشمس والقمر، يقال: إنهم جعلوه في قلعة باردة في شدة البرد، ومنعوه الدثار حتى مات سنة ثلاث وأربع مائة.

١٧٨٢ - [أبو الحسن القابسي] (١)

علي بن محمد بن خلف المعافري القروي أبو الحسن القابسي الإمام العلامة، شيخ المالكية.

أخذ القراءات عن أبي الفتح ابن بدهن القيرواني، وحدث عن ابن مسرور الدباغ، وأبي زيد المروزي، وحمزة الكناني وغيرهم، وعنه أبو عمرو الداني.

وكان إماما جليلا، حافظا نبيلا، متقنا للعلل، من الأتقياء الورعين، وكان ضريرا، يعتمد في ضبطه على ثقات المحدثين.

توفي سنة ثلاث وأربع مائة.


(١) «وفيات الأعيان» (٣/ ٣٢٠)، و «سير أعلام النبلاء» (١٧/ ١٥٨)، و «تاريخ الإسلام» (٢٨/ ٨٥)، و «العبر» (٣/ ٨٧)، و «تذكرة الحفاظ» (٣/ ١٠٧٩)، و «البداية والنهاية» (١١/ ٤٢٧)، و «الديباج المذهب» (٢/ ٩٢)، و «شذرات الذهب» (٥/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>