للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٧٩٠ - [أبو حامد الأسفراييني] (١)

أحمد بن أبي الطاهر محمد بن أحمد الإمام أبو حامد الأسفراييني الشافعي، شيخ طريقة العراق، بل إمام الشافعية بالاتفاق.

انتهت إليه رئاسة الدين والدنيا ببغداد، وكان يحضر درسه أكثر من ثلاث مائة فقيه.

وقال الخطيب: (رأيته، وحضرت درسه، وسمعت من يذكر أنه كان يحضر مجلسه ودرسه سبع مائة متفقه، وكان الناس يقولون: لو رآه الشافعي .. لفرح به) (٢).

أخذ الفقه عن أبي الحسن بن المرزبان، ثم عن أبي القاسم الداركي، وحدث بشيء يسير عن عبد الله بن عدي، وأبي بكر الإسماعيلي، وإبراهيم بن محمد الأسفراييني وغيرهم.

قال تلميذه سليم الرازي: كان لا يخلو وقت له عن اشتغال، حتى أنه كان إذا برى القلم .. قرأ القرآن أو سبح، وكذلك إذا كان مارا في طريق.

روي أنه قابله بعض الفقهاء في مجلس المناظرة بما لا يليق، ثم أتاه في الليل معتذرا، فأنشده أبو حامد: [من الطويل]

جفاء جرى جهرا لدى النّاس وانبسط ... وعذر أتى سرّا فأكّد ما فرط

ومن ظنّ أن يمحو جليّ جفائه ... خفيّ اعتذار فهو في أعظم الغلط

وكان أبو الحسين القدوري الحنفي يعظمه ويفضله ويقول: إنه أفقه وانظر من الشافعي.

قال الشيخ أبو إسحاق: (وهذا القول من القدوري حمله عليه اعتقاده في الشيخ أبي حامد، وتعصبه للحنفية على الشافعي، ولا يلتفت إليه؛ فإن أبا حامد ومن هو أعلم منه وأقدم على بعد من تلك الطبقة، وما مثل الشافعي ومثل من بعده إلا كما قيل: [من الكامل]

نزلوا بمكة في قبائل نوفل ... ونزلت بالبيداء أبعد منزل) (٣)


(١) «تاريخ بغداد» (٥/ ١٣٢)، و «المنتظم» (٩/ ١٤٤)، و «وفيات الأعيان» (١/ ٧٢)، و «سير أعلام النبلاء» (١٧/ ١٩٣)، و «تاريخ الإسلام» (٢٨/ ١٣٥)، و «مرآة الجنان» (٣/ ١٥)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (٤/ ٦١)، و «شذرات الذهب» (٥/ ٣٧).
(٢) «تاريخ بغداد» (٥/ ١٣٢).
(٣) «طبقات الفقهاء» للشيرازي (١/ ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>