للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتقدم إلى المقبرة الشريفة، ويخرج الجثة الشريفة، وينقلها إلى مصر؛ ليصرف زيارة الناس إليها، فلم يجد بدا من امتثال أمره، فعزم إلى المدينة لهذا الغرض الكاسد، واجتمع أهل المدينة بالمسجد الشريف يبكون ويتضرعون، وأبو الفتوح يعتذر بأنه لا يقدر على مخالفة الحاكم في ذلك، فاتفق أن قرأ قارئ حسن الصوت {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي} {دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ} {لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ* أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً} {نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ} الآية، فحصل على الجماعة خشوع عظيم، وبكى أبو الفتوح ومن حضر، وقال أبو الفتوح: والله لأقاتلنهم على ذلك، ثم اتفق أن هبت ريح شديدة عاصفة تقلب الجمل بحمله، فقال أبو الفتوح: حصل الفرج، وأمر بكتب محضر وأنه قد هم بفعل ما أمره به الحاكم، فحصل عليهم ريح شديدة كادت تهلكهم، فلم يتمكنوا من ذلك، وأخذ عليه خطوط جماعة من أعيان أهل المدينة، وأرسل به إلى الحاكم.

وبالجملة: فكان المسلمون وأهل الذمة في كرب وبلاء شديد معه، حتى إنه أوحش أخته ستّ الملك بمراسلات قبيحة وأنها تزني، فطلبت ابن دوّاس القائد وكان خائفا من الحاكم، فاتفقت معه على قتل الحاكم، وأعدمت جثته، ولم يجدوا إلا جبة الصوف قد صبغت بالدماء وقطعت بالسكاكين، وذلك في شوال سنة إحدى عشرة وأربع مائة، وأقامت أخته بعده ولده الطاهر علي بن منصور، وقتلت ابن دوّاس وسائر من اطلع على سرها، وكان عمره يوم فقد (١) ستا وثلاثين سنة.

١٨٠٣ - [أبو عبد الرحمن السّلمي] (٢)

أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين ابن موسى السّلمي النيسابوري الصوفي، الشيخ الكبير، الولي الشهير.

صحب جده أبا عمرو بن نجيد، وسمع الأصم وطبقته وكان مجودا صاحب حديث.

توفي سنة اثنتي عشرة وأربع مائة. مذكور في هامش الأصل.


(١) فقد الحاكم بأمر الله بعد أن قتل.
(٢) «تاريخ بغداد» (٢/ ٢٤٤)، و «المنتظم» (٩/ ١٧٩)، و «سير أعلام النبلاء» (١٧/ ٢٤٧)، و «تاريخ الإسلام» (٢٨/ ٣٠٤)، و «العبر» (٣/ ١١١)، و «شذرات الذهب» (٥/ ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>