للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨٣٨ - [السلطان محمود بن سبكتكين] (١)

السلطان يمين الدولة وأمين الملة محمود بن الأمير ناصر الدولة أبي منصور سبكتكين.

كان أبوه أمير الغزاة الذين يغزون من بلاد ما وراء النهر على أطراف الهند، فأخذ عدة قلاع، وافتتح ناحية بست.

وأما محمود صاحب الترجمة .. فافتتح غزنة، ثم بلاد ما وراء النهر، ثم استولى على سائر خراسان، ودان له الخلق على اختلاف أجناسهم، وفرض على نفسه غزو الهند كل عام، فافتتح منه بلادا واسعة، وقد مضى ذكر فتحه للقلعة التي بسومنات وإتلافه للصنم الذي كان يعبده الهنود في سنة عشر وأربع مائة (٢).

وذكر إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن الإمام أبي محمد الجويني في كتابه الموسوم ب‍ «مغيث الخلق في اتباع الأحق»: (أن السلطان محمود المذكور كان على مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه، وكان مولعا بعلم الحديث، وكان الناس-أو قال: الفقهاء -يسمعون الحديث من الشيوخ بين يديه وهو يسمع، فكان يستفسر الأحاديث، فوجد أكثرها موافقا لمذهب الشافعي، فوقع في خلده محبته، فجمع الفقهاء من الفريقين في مرو، والتمس منهم الكلام في ترجيح أحد المذهبين على الآخر، فوقع الاتفاق على أن يصلوا بين يديه ركعتين على مذهب الشافعي وركعتين على مذهب أبي حنيفة يقتصر فيهما على أقل الفروض؛ لينظر فيهما السلطان ويتفكر ويختار ما هو أحسنه، فصلى أبو بكر القفال المروزي ركعتين بأقل ما يعتبر من الطهارة والستر واستقبال القبلة وما لا بد من الأركان والفرائض، وكانت صلاة لا يجوز الشافعي دونها، ثم صلّى ركعتين على ما يجوزه أبو حنيفة، فلبس جلد كلب مدبوغ، ولطخ ربعه بالنجاسات، وتوضأ بنبيذ التمر، وكان في صميم الصيف في المفازة، واجتمع عليه الذباب والبعوض، وكان وضوؤه منعكسا منكوسا، وكبر بالفارسية، ثم قرأ آية بالفارسية «دوبر كك سبز» (٣)، ثم نقر نقرتين كنقرات


(١) «المنتظم» (٩/ ٢٣٤)، و «الكامل في التاريخ» (٧/ ٧٣١)، و «وفيات الأعيان» (٥/ ١٧٥)، و «سير أعلام النبلاء» (١٧/ ٤٨٣)، و «تاريخ الإسلام» (٢٩/ ٦٨)، و «العبر» (٣/ ١٤٧)، و «البداية والنهاية» (١٢/ ٤٧٢)، و «شذرات الذهب» (٥/ ١٠٧).
(٢) انظر (٣/ ٣٤٨).
(٣) قال ابن خلكان في «وفيات الأعيان» (٥/ ١٨٢): وتفسير «دوبر كك سبز»: ورقتان خضروان، وهو معنى قوله تعالى في سورة الرحمن مُدْهامَّتانِ، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>